ماجد الماجد Profile picture
هنا كثير من القصص .. وقليل مني .. اقدم وأكتب مناكب @mnakbshow

Jul 20, 2020, 26 tweets

في عام 2005 وبينما أجهزة الأمن الكولومبية تؤدي دورها في تعقب اتصالات أقوى عصابات إتجار المخدرات على أرضها، وجدت نفسها أمام مئات الساعات من التسجيلات باللغة العربية
الأمر الذي وضعها في حيرة عن ماهية تلك العصابة ؟
ومن يقف ورائها؟!

!!!!

حياكم تحت

المفاجأة لم تكن في وجود تسجيلات باللغة العربية فهذا وارد، إذ يتواجد في كولومبيا مواطنون كثر منحدرون من أصول عربية يقدرون بمئات الآلاف، لكن تمثلت المفاجأة في ذلك القدر الكبير من المحادثات، وكأن قسمًا كبيرًا من خارطة تجارة المخدرات أضحى منتسبًا للعربية!

تجاوز الكولومبيون تلك المفاجأة وانطلقوا يفكرون بشكل أكثر روية، فلم يجدوا بدًا من الاستعانة بالجانب الأمريكي في حل هذا اللغز، لقد وفرت لهم اتفاقيات التعاون المشتركة في مجال مكافحة الجريمة والمخدرات أرضية مناسبة للقيام بذلك التواصل وتلك الاستعانة.

تم الاستعانة بأحد العملاء الأمريكيين من ذوي الأصول اللبنانية، تلاقت على يد هذا المحقق خيوط المكالمات، وعبر تحليل البيانات والمعلومات الواردة اكتشفت فرق التحقيق المشتركة أنهم أمام شبكة تنظيمية معقدة تعمل على تهريب المخدرات وغسيل الأموال ولها صلات مباشرة مع لبنان وميليشيا حزب الله.

نشأ حزب الله في ثمانينات القرن الماضي في ظلال من الحرب الأهلية اللبنانية حيث انخرط كغيره من الجماعات في تلك الحرب، لكنه رويدًا رويدًا صدّر نفسه في مشهد الأحداث كمقاوم للاحتلال الصهيوني، واكتسب شعبية حينذاك بسبب ذلك الصراع

من السنوات الأولى لنشأته أعلنها حزب الله صراحة تبعيته لولاية الفقيه والتزامه التام بتنفيذ أوامر القيادة الإيرانية، وهو ما فتح الباب أمام دعم إيراني كبير له، ومع استمراره في النمو، تطلعت قيادته لمزيد من الوجود لها داخليًا وخارجيًا، وهو ما تم.

نتيجة للتوسعات الميدانية والوجود المؤثر في معادلة الأحداث السياسية في المنطقة، تغير نمط تفكير الإيرانيين في الحزب، من مجرد متلقٍ للدعم، إلى كونه مدرًا للأرباح ومعتمدًا على ذاته في توفير جزء كبير من ميزانيته، لذلك انصب تفكير الجميع على تجارة المخدرات وغسيل الأموال وغيرهما.

مع توالي ظهور معلومات وشواهد جديدة حول تورط أشخاص على صلة بميليشيا حزب الله في عمليات تهريب مخدرات  في أمريكا الجنوبية، أطلقت إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية عام 2008 مشروع كاسندرا السري، والذي عني بمتابعة نشاطات حزب الله الإجرامية حول العالم.

لقد استغل حزب الله في الأغلب قطاعات بعينها من الشتات العربي في الدول اللاتنية والذين هاجروا قبل وقت طويل، حيث عبر لإقناعهم بالعمل معه من خلال الأرضية العقائدية المشتركة أحيانا أو حتى من خلال العوائد المالية الوفيرة المنتظرة لهم جراء تعاونهم معه.

عبر تحليل البيانات وضم المعلومات إلى بعضها البعض، توصل المحققون إلى المنطقة المركزية التي يمارس فيها #كارتل_حزب_الله أكبر عملياته في تجميع وتوزيع الكوكايين، إنه مثلث النار الحدودي الذي يجمع بين البرازيل والأرجنتين والبارغواي.

وجه محققو مشروع كاسندرا نظرهم باتجاه هذا المثلث، وتمكنوا في أواخر أكتوبر 2008 من تفكيك عصابة دولية لتهريب الكوكايين وغسيل الأموال تابعة لميليشيا حزب الله، شكري حرب كان الاسم الأبرز بين 38 فرد تم القبض عليهم، ينسب له غسيل أموال تقدر بمئات الملايين من الدولارات سنويًا.

بحسب التحقيقات تعاون حرب مع كارتل كولومبي يمتلك مجموعة شبه عسكرية تعمل على تهريب الكوكايين إلى أمريكا عبر بنما، وإلى أوروبا والشرق الأوسط مرورًا بأفريقيا، قبض على حرب قبل يوم واحد من حجزه تذكرة إلى سوريا من أجل الفرار.

لم يكن #شكري_حرب إلا واحدا من شبكة إجرامية عتيدة تابعة لحزب الله، ترتبط بعلاقات وثيقة مع عصابات إجرامية في معظم الدول اللاتينية، منها علاقتها مع منظمة PCC أكبر منظمة للجريمة بالبرازيل، حيث تضمن التعاون توفير السلاح وتبييض الأموال لهذه المنظمة في مقابل تأمين طرق المخدرات للحزب.

في فيرجينيا وفي إحدى المباني بالغة السرية التابعة لإدارة مكافحة المخدرات في الولاية واصل منتسبي مشروع #كاسندرا عملهم، وذلك بالتعاون مع أكثر من 30 وكالة أمنية حول العالم، حيث لم يكتفوا بمراقبة الأحداث عن كثب، بل وظفوا عملاء سريين وألقوا بهم إلى خضم هذه العصابات.

حاول محققو كاسندرا اختبار مدى توغل حزب الله كعصابة في غرب أفريقيا على اعتبارها إحدى طرق التهريب الرئيسية، تواصل المحققون مع بعض المشتبه بهم وعرفوا أنفسهم على أنهم أعضاء في تنظيم الفارك الكولومبي المتمرد، وأبدوا رغبة في التعاون في مجالات غسيل الأموال والسلاح.

بعد مداولات ولقاءات تعهد رجالات ميليشيا حزب الله لفارك (العملاء السريين) بغسيل أموالها من المخدرات والعمل على تزويدها بالسلاح والصواريخ من أماكن عدة في العالم مثل إيران وروسيا والصين، تعدت قيمة بعض الصفقات التي تناولها الطرفان خلال المداولات ملايين الدولارات.

قبل هذه الفترة بقليل وتحديدًا عام 2011 قادت معظم الخيوط التي تم جمعها عبر مشروع كاسندرا إلى الشخصية الميدانية الأبرز في شبكة اتجار الكوكايين التابعة لميليشيا حزب الله، #أيمن_جمعة المؤسس الحقيقي لنشاطات #كارتل_حزب_الله الإجرامي في أمريكا اللاتينية.

أشرف "جمعة" على نقل مئات آلاف الأطنان من الكوكايين من كولومبيا مرورًا بالمكسيك إلى الولايات المتحدة، كما قام بالدور نفسه في عمليات تهريب كبرى إلى أفريقيا ومنها إلى الشرق الأوسط وأوروبا، لا يقف دور جمعة عند مجرد التهريب بل شارك في تبيض مئات ملايين الدولارات من أموال المخدرات.

اضطلع جمعة بدور الرابط بين ميليشيا حزب الله وعصابة لوس زيتاس المكسيكة الشهيرة، فبحسب مسؤولين أمريكيين كان جمعة يقوم بتبييض أموال مخدرات تقدر بمئتي مليون دولار شهريًا يتحصل منها على ما نسبته حوالي 20%، أي أن أرباحه السنوية من غسيل الأموال فقط تصل لـ نصف مليار دولار.

توالت ضربات مشروع كاسندرا لشبكات الإجرام التابعة لحزب الله، حيث تم الكشف عن أسماء كثيرة لها صلات وثيقة بعمليات الإتجار وغسيل الأموال وتابعة مباشرة لقسم العمليات الخارجية في حزب الله، منها رجل الأعمال أدهم طباجة وابن خالة #حسن_نصر_الله عبد الله صفي الدين.

العلاقات المرنة لصفي الدين مع عدد من البنوك اللبنانية، وفرت غطاء سريًا لتبييض ملايين الدولارات من أموال المخدرات في العالم كله، نظير عمولات معتبرة تستقر في خزينة ميليشيا حزب الله، تم الكشف عن كل هذه العمليات مع فضيحة البنك اللبناني الكندي عام 2011.

نتيجة سياسات أوباما المهرولة في اتجاه التقارب مع إيران تم التضييق على مشروع كاسندرا ومن ثم تم وقفه، وذلك حتى لا يعوق استمراره الإخلال بالاتفاق النووي الذي وقعته إيران مع أمريكا وخمس من الدول الكبرى الأخرى عام 2015.

على المستوى المحلي اللبناني تم الحديث عن صلات كثيرة لحزب الله بعدد من كبار تجار المخدرات على رأسهم علي زيد إسماعيل الملقب بـ إسكوبار لبنان، والذي اتهم ذويه حزب الله بتصفيته عام 2018 تجنبًا لكشف تعاونه معهم، كذلك صلات حزب الله بالتاجر اللبناني الشهير نوح زعيتر معروفة وموثقة.

طبقًا للشواهد السابقة وكثير غيرها مما لم أتعرض له لضيق المقام، فإن مقدار ما تتحصل عليه ميليشيا حزب نتيجة انخراطها في تجارة المخدرات وغسيل الأموال وتزييف العملات يقدر بمئات ملايين الدولارات سنويًا، هذا فضلًا عن الدعم المالي الإيراني غير المنقطع.

قيمة الدعم الإيراني لميليشيا حزب الله اختلفت من فترة لأخرى، فبينما استقر التمويل السنوي عند متوسط 200 مليون دولار فيما قبل الاتفاق النووي، فإنه قفز بعد الاتفاق إلى أكثر من 600 مليون دولار، وهي مجموع أرقام تجعل من ميليشيا حزب الله على قائمة أغنى المنظمات الإجرامية في العالم.

هذا الغنى الفاحش الذي تسبح في رغده قيادات هذا التنظيم، لم ينعكس أبدًا ولو رمزيًا على إنقاذ الاقتصاد اللبناني الذي يدق الإفلاس أبوابه، فهذا المخزون المالي الملوث بالجريمة والدماء، مُسخر فقط لتنفيذ أجندات إيران وأهدافها الخبيثة، أما الوطن لبنان ففي نظرهم ليس أكثر من منطلق ومضيف.

Share this Scrolly Tale with your friends.

A Scrolly Tale is a new way to read Twitter threads with a more visually immersive experience.
Discover more beautiful Scrolly Tales like this.

Keep scrolling