بعد بكاء #تريزا_ماي واستقالة اثنان من رئاسة الوزراء في #بريطانيا
في أعقاب #بريكست ماهي القصة الكاملة لعلاقة #بريطانيا مع أوروبا؟
تحت هذه التغريدة ثريد يحكي مايزيد على أربعين سنة من الود والطلاق.
لطلاب #القانون المعلومات في هذا الثريد مهمة من الناحية القانونية.
بدأت حكاية الاتحاد الأوروبي بتوقيع ستة دول على اتفاقية روما ١٩٥٧ التي أسست ما يسمى ب:المجتمع الاقتصادي الأوروبي
European Economic Community
والدول الموقعة هي:فرنسا،المانيا،إيطاليا ،بلجيكا، لوكسمبورج،وهولندا.
في الستينات الميلادية بدأت بريطانيا طلب الانضمام للمجتمع الأوروبي خاصة بعد أن ظهرت بوادر تعافي اقتصادية للدول المؤسسة لها، ولكن طلبات بريطانيا كانت ترفض.
كان أبرز الرافضين لانضمام بريطانيا الرئيس الفرنسي الأسبق الجنرال شارل ديغول.
بعد وفاة الرئيس الفرنسي الأسبق في١٩٧٠
تمت الموافقة على انضمام بريطانيا إلى المجتمع الأوروبي عام ١٩٧٣، وفي تلك السنة انضمت الدنمارك وإيرلندا أيضا للمجتمع الأوروبي.
وقعت بريطانيا على اتفاقية روما في ظل حكومة حزب المحافظين بقيادة Edward Heath.
من الناحية القانونية كانت بريطانيا تحتاج لمظلة قانونية تستظل تحتها لتطبيق وتنفيذ القوانين الأوروبية داخل بريطانيا ، ولهذا صوت البرلمان ووافق على قانون:
The European Communities Act1972
الذي بدأ العمل به رسميا يناير ١٩٧٣.
ماذا يعني انضمام بريطانيا إلى المجتمع الاقتصادي الأوروبي من الناحية القانونية؟
في الحقيقة النظام القانوني والتشريعي والقضائي البريطاني تأثر بشدة بالانضمام، وترتب عليه بناء نظام قانوني جديد إلى حد ما.
ومن أبرز التغيرات القانونية على الهيكل القانوني البريطاني الآتي:
١-أصبحت القوانين الأوروبية تعلو جميع القوانين البريطانية الوطنية ، بمعنى آخر أصبح ترتيب مصادر القانون من حيث القوة كالتالي : الدستور، القوانين الأوروبية،القوانين واللوائح البريطانية الوطنية، السوابق القضائية ، الأعراف.
على اختلاف بين شراح القانون في ترتيب هذه المصادر!
٢-أصبحت القوانين الأوروبية تدخل حيز النفاذ مباشرة في بريطانيا دون الحاجة لإصدار قوانين وطنية( باستثناء directive)
٣-استثناء من هذا الأصل ، لبريطانيا حق فرض الضرائب، وتجريم بعض الأفعال جنائيا دون الرجوع أو التقيد بأنظمة الاتحاد الأوروبي.
٤-من ناحية تشريعية،يجب على البرلمان البريطاني عندإصدار أي قانون التأكدمن عدم مخالفته للقوانين الأوروبية والا أصبح ذلك القانون عرضةً للتعديل والاعتراض على أحكامه
٥-بعد إنشاء محكمةالعدل الأوروبيةأصبح بإمكان الشخصيات الاعتبارية والطبيعيةالتوجه مباشرةلها دون اللجوء للمحاكم الوطنية
٦- أصبحت القرارات السياسية للحكومة البريطانية مقيدة بالقرارات التي يصدرها القادة السياسيون الأوروبيون خاصة في الموضوعات المشتركة بينهم(الأمنية،العسكرية،الاجتماعية ،،الخ)
أما من حيث مصادر القوانين الأوروبيةفيمكن تلخيصهافي:
1-(Treatises) الاتفاقيات
وهذه لاتحتاج إلى إصدار قانون من البرلمان البريطاني لتنفيذها.
2-Regulations
هذه الأداة القانونيةأيضا لا تحتاج إلى إصدارقانون خاص لتنفيذها، وإنما تُعتبر واجبةالتنفيذبموافقة جميع دول الاتحادالأوروبي.
3-Directives
هذه الأداة تعتبر من المصادرالثانوية للقانون الأوروبي، ولابد من إصدار قانون من البرلمان البريطاني لتطبيقها في بريطانيا.
هذه الآثار لانضمام بريطانيا لأوروبا كانت مقلقة لبعض الساسة والقضاة وأعضاء البرلمان وخاصة من الحزبين اليميني واليساري المتطرف
كان هناك اعتقاد سائد لدى النخب البريطانية بأن سيادتهم في اتخاذ القرارات، وإصدار القوانين، والأحكام القضائية قد انتهك؛ بسبب الانضمام إلى أوروبا ، إضافةً إلى الخسائر الاقتصادية المتعلقة ب&agricultural policies singal market & border
هذاالاعتقاد لدى النخب البريطانيةظهر على السطح مباشرة في أعقاب انضمام بريطانياإلى أوروبا ١٩٧٣عندماوعدحزب العمال الناخبين بإجراء استفتاء-غير لزم قانونيا-في حال فوزه بالانتخابات بإجراء مفاوضات مع الأوروبيين لإعادة صياغة بعض الأحكام الملزمة لهم فيمايتعلق بأمور السياسة والتشريعات
تم إجراء أول استفتاء عام ١٩٧٥،وكانت نتيجةالاستفتاء كانت لمصلحة بقاء العلاقة كما هي مع الاتحاد الاوروبي.
ولكن الاعتقاد المعارض لانضمام بريطانيا إلى أوروبا استمر وتنامى ونتج عنه تأسيس حزب بريطانيا المستقلة UKIP.
UKIP حزب سياسي تأسس من قبل الحزب اليميني واليمين المتطرف السياسي عام ١٩٩١ من قبل Alan Sked وكان هدف هذا الحزب هو الإنفصال عن أوروبا والدفاع عن المصالح الوطنية البريطانية.
وعلى الرغم من صغر وحداثة هذا الحزب إلا أنه لعب دوراً كبيراً في إنفصال بريطانيا عن أوروبا عام ٢٠١٦.
بالرجوع إلى حزب UKIP نجد أن غاية المجد السياسي له حدث في منتصف ٢٠١٠ عندما حصل على مقعدين في البرلمان البريطاني.
ولكن تأثيره على النخب وعلى العامة بلغ قمته في ٢٠١٥-٢٠١٦ بقيادة رئيسه ناجل فاراج، الذي استطاع من خلال صبره ومكافحته في التأثير على شريحة كبيرة منهم.
عام ٢٠١٥ وأثناء فترة رئاسة رئيس الوزراء الأسبق ديفيد كاميرون طالب قرابة ١٠٠ سياسي من الحزب الحاكم المحافظين المتأثرين بالفكر السياسي المعارض لانضمام أوروبا Euroscepticism بإجراء تصويت عام referendum لتحديد طبيعة العلاقة مع أوروبا.
وتحت الضغط من قبل أعضاء حزبه، وبعض العامة قبل رئيس الوزراء السابق David Cameron هذا الطلب ووعد في حال فوزه برئاسة انتخابية ثانية بإجراء استفتاء عام لتحديد علاقة بريطانيا مع أوروبا، اعتقادا منه بأن الاستفتاء سيكون من مصلحته، ولكن حدث مالم يكن بالحسبان!
بعد فوز David بفترة رئاسية ثانية بدأت الاستعدادت لإجراء استفتاء.
بذل رئيس الوزراء كل مافي وسعه وجاب بريطانيا شمالا وجنوبا و غربا وشرقا لمحاولة إقناع البريطانيين بالبقاء تحت مظلة الاتحاد الأوروبي،معتقداًبأن جهده الذي بذله كفيل بإقناع الناخبين بإبقاء حبل الود وثيقاً مع اوروبا
ولكن الحملة المضادة، والداعية إلى الإنفصال عن أوروبا، والتي قام بها بعض أفراد حزبه وعلى رأسهم Boris Johnson-Michael Gove إضافة إلى عضو حزب العمال السيدة Gisel Stuart كان لها تأثير أقوى، خاصة عندما استخدموا بعض الأدوات المؤثرة في مشاعر دافعي الضرائب.
من الأدوات التي استخدمتها الحملة المضادة : مشكلة اللاجئين وحصولهم على أعلى الإعانات الاجتماعية التي كانت تمول من قبل دافعي الضرائب( التي تبلغ ٣٥٠ مليون جنيه إسترليني أسبوعياً)، و الوظائف التي كانت تسرق من البريطانيين! والآثار الاقتصادية التي سيجنيها البريطانيون من الإنفصال.
في 23ed June 2016 تم إجراء الاستفتاء على مستوى بريطانيا ، وفي تمام الساعة العاشرة مساء تم إقفال صناديق الاقتراع ، و بدأت عملية فرز الأصوات،، وفي قرابة الساعة ٥ صباحاً تم الإعلان عن نتيجة صادمة للجميع حيث صوت ٥١.٩٪ لمصلحة الإنفصال.
نتيجة هذه الانتخابات كانت كارثية من الناحية السياسية والاقتصادية على بريطانيا حيث إنهارت العملة البريطانية الصعبة لتصل إلى مستوى قياسي مقابل الدولار، أسواق الأسهم والسندات هوت بقوة، قدم رئيس الوزراء استقالته، و تم ترشيح رئيسة الوزراء الحالية تريزا ماي لرئاسة الوزراء.
كانت #تريزا_ماي تمني نفسها بعهد للمرأة الحديدية كالذي بنته رئيسة الوزراء السابقة تاتشر، ولكن أمنياتها لم تدم لأكثر من سنتين وبضعة أشهر حيث قدمت مؤخرا استقالتها مصحوبة بدموع الخاسر، كنتيجة من نتائج عدم الاستقرار السياسي في أعقاب ال #بريكست
ومن النتائج السياسية ل #بريكست
اجتاحت الحزب الحاكم موجة استقالات الأمر الذي كان يشير إلى عدم الاستقرار السياسي.
الأسئلة التي ترد في الذهن حاليا :
ماهو مصير النظام القانوني الذي بني خلال الأربعين سنة الماضية؟ وما الشكل القانوني للعلاقة التي ستربط بريطانيا مع أوروبا؟
وهل ستلجأ بريطانيا إلى إعادة رسم شكل علاقاتها مع باقي الدول بعد هذا الإنفصال؟
لا أحد في الحقيقة يملك إجابة واضحة لهذه الأسئلة، والدليل مرحلة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي التي تمر بها بريطانيا.
هذه التغريدات كانت جزءاً من ندوة لي في إحدى الجهات القانونية.
#ثقافة_قانونية