تحت هذه التغريده رحيق من كتاب
مِفْتَاحٌ دَار السَّعَادة
لشيخ الأسلام ابن قيم الجوزية رحمه الله .
قال تعالى : ( كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون )
[ التوبة : 69]
الاستمتاع بالخلاق ، وهو النصيب من الدنيا،..
عن زيد بن ثابت قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: نضر الله امرأً سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه.
رواه الترمذي .
أولها وثانيها : سماعه وعقله ؛ فإذا سمعه وعاهُ بقلبه؛ أي : عقله واستقر في قلبه .
المرتبة الثالثة : تعاهده وحفظه حتى لا ينساه فيذهب .
المرتبة الرابعة : تبليغة وبثه في الأمة ليحصل به ثمرته ومقصوده.
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ " لَنْ يَشْبَعَ الْمُؤْمِنُ مِنْ خَيْرٍ يَسْمَعُهُ حَتَّى يَكُونَ مُنْتَهَاهُ الْجَنَّةُ " .
قال الترمذي هذا حديث حسن غريب .
قال الحسن: العامل على غير علم كالسالك على غير طريق والعامل على غير علم يفسد أكثر مما يصلح؛
فاطلبوا العلم طلبا لا تضروا بالعبادة
واطلبوا العبادة طلبا لا تضروا بالعلم
فإن قومن طلبوا العبادة وتركوا العلم حتى خرجوا بأسيافهم على أَمة محمد ﷺ ولو طلبوا العلم لم يدلهم على ما فُعلوا .
أن الله سبحانة وتعالى
-خلَقَ الملائكةعقولا بلا شهوات
-وخَّلق الحيواناتٍ ذواتٍ شهواتٍ بلا عقول
-وَخَلَقَ الإنسانَ مركبا من عَقَلٍ وشهوة؛
فمن غلَبَ عقلهُ شهوتةُ
كان خيرًا من الملائكة،
ومن غَلََب شهوتهُ عقَلَّهُ
كانَ شرًا من الحيوانات .
في أثر إسرائيلي : أن موسى سأل ربه عن شأن من يعذّبهُم من خلقه ؟
فقال : يا موسى ازرّع زرعاء فزرعه فأوحى الله إليه أنِ احصده ثم أوحى إليه أن انسِفْهُ واذْرُة أي فصل الحب عن قشره فَفَعلَ وخَلّصَ الحَبُ وحدّةُ والعيدانٌ والقصفٌ وحدّة؛ فأوحى الله إليه : إِنّي لا أَجعلَ في النارٍ ...
في الاثر يقول إبليس اخزاه الله:
أهلكت بني ادم [بالذنوب]
وأهلكوني [بالاستغفار وبلا إله إلا الله]
فلما رأيت ذلك بثتت فيهم [البدع] ؛
١-فهم يذنبون ولا يتوبون لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ،
٢-فإذا ظفر منه بهذه صيره من دعاته وأمرائه
٣-فإنْ أعجزته ألقاه في الكبائر ، ....
٥-فإِن أعجزته شغله بالعمل المفضول عما هو أفضل منه ليغلق عليه العمل بالأفضل والأبقى له .
أعظم الأسباب التي يحرم بها العبد خير الدنيا والآخرة ولذة النعييم في الدارين ويدخل عليه عدوه منها :
*هي الغفلة المضادة للعمل
*والكسل المضاد للإرادة والعزيمة
هذان أصل بلاء العبد وحرمانه منازل السعداء وهما من عدم العلم،
وقد ذم سبحانه وتعالى أهلها ونهى عن الكون منهم وعن طاعتهم .
كل صفة مدح الله بها العبد في القرآن فهي ثمرة
العلم ونتيجته وكل ذم ذمه فهو ثمرة الجهل ونتيجته ،
فمدحه بالإيمان وهو رأس العلم ولبه ومدحه
بالعمل الصالح الذي هو ثمرة العلم النافع ومدحة بالشكر والصبر والمسارعة في الخيرات والحب له والخوف منه والرجاء والإنابة والحلم والوقار واللب..
والسكينة والتواصل والتعاطف والعدل في الأقوال والأفعال والأخلاق والقوة والدعوة إليه وإلى مرضاته وجنته والتحذير عن سبل أهل الضلال وتبين طريق الغي وحال سالكيها ...
إلى سائر الأخلاق المحمودة والأفعال المرضية التي أقسم الله سبحانه على عظمها.
قال شيخ الإسلام رحمه الله : لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة , فيتشربها ,
فلا ينضح إِلا بها ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها , ولا تستقر فيها , فيراها بصفائه , ويدفعها بصلابته , وإلّا فإذا
أشربت قلبك كل شبهة تمر عليها صار مقرا للشبهات .
عن شداد بن أوس -رضي الله عنه- قال:
قال لي رسول الله ﷺ( اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرُّشد)
وما أتي العبد من تضيعهما أو تضييع أحدهما إِلَا من باب العجلة والتهاون والتماوت وتضييع الفرصة،
فإذا حصل الثبات أولا والعزم ثانيا أفلح كل الفلاح والله ولي التوفيق.
عن أبو عنبة الخولاني رضي الله عنه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسا
يستعملهم في طاعته)
رواه الألباني
وغرس الله هم أهل العلم والعمل .
لما كانت طريق الآخرة وعرة على أكثر الخلق لمخالفتها لشهواتهم قل سالكوها وزهدهم فيها قله علمهم أوعدمه بحقيقة الأمر وعاقبة العباد ومصيرهم، واستلانوا مركب الشهوة والهوى على مركب الإخلاص والتقوى؛ وتوعرت عليهم الطريق وصعب عليهم؛ وآثروا العاجلة على الآجلة ، ...
فترحلت عن قلوبهم مديرة كما ترحلت عن أهلها مولية وأقبلت الآخرة إلى قلوبهم مسرعة فامتطؤا ظهور العزائم ،
وعلموا طول الطريق وقلة المقام في منزل التزود ،
وهذا كله من ثمرات اليقين ؛
فإن القلب إذا استيقن ما أصابه ...
وهذه المرتبة هي أول مراتب اليقين
- وهي علمه وتيقنه - وهي انكشاف المعلوم للقلب بحيث يشاهدة ولا يشك فيه كانكشاف المرئي للبصر . ...
ثم يليها المرتبة الثالثه ؛ وهي - حق اليقين- وهي مباشرة المعلوم وإدراكه الإدراك التام .
فالأولى كعلمك بأن في هذا الوادي ماء والثانية كرؤيته والثالثه كالشرب منه .
ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
جعل سبحانه مراتب الدعوة بحسب مراتب الخلق وهي ثلاث :
فالمستجيب القابل الذكي الذي لا يعاند الحق ولا يأباه يدعى بطريق الحكمة . ...
والمعاند الجاحد يجادل بالتي هي أحسن .
أن لو لم يكن من « #فوائد العلم » إلا أنه يثمر اليقين الذي هو أعظم حياة القلب وبه طمأنينته وقوته ونشاطه وسائر لوازم الحياة .
ولهذا مدح الله سبحانه أهله في كتابه وأثنى عليهم بقوله :{وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} ...
وانتفى عنه كل ريب وشك
وعوفي من أمراضه القاتلة
وامتلأ شكراً لله وذكراً له ومحبة وخوفا .
واليقين والمحبة هما ركنا الإيمان وعليهما ينبني وبهما قوامه . ...
وهما يثمران كل عمل صالح وعلم نافع وهدى مستقيم .
وقال سهل التستري : حرام على قلب أن يشم رائحة اليقين وفيه سكون إلى غير الله .
ذهاب الإسلام على
يدي أربعة أصناف من الناس
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
قال محمد بن الفضل:
ذهاب الإسلام على يدي أربعة أصناف من الناس:
○صنف لا يعملون بما يعلمون،
○و صنف يعملون بما لا يعلمون،
○و صنف لا يعملون ولا يعلمون،
○و صنف يمنعون الناس من التعلم.
...
●الصنف الأول: من له علم بلا عمل؛ فهو أضر شيء على العامة؛ فإنه حجة لهم في كل نقيصة و مبخسة.
●الصنف الثاني: العابد الجاهل؛ فإن الناس يحسنون الظن به لعبادته و صلاحه فيقتدون به على جهله.
...
...
●و الصنف الرابع: نواب إبليس في الأرض؛ و هم الذين يثبطون الناس عن طلب العلم و التفقه في الدين ؛ فهؤلاء أضر عليهم من شياطين الجن؛ فإنهم يحولون بين القلوب و بين هدى الله و طريقه .
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
" يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين " .
[رواه البيهقي]
فالأصل في أهل العلم أن يكونوا عدولاً ثقاة يجمعون بين العلم والعمل ؛
كما كان علماؤنا المتقدمون .
قال المزني سمعت الشافعي يقول :
من تعلم القرآن عظمت قيمته ،
ومن تكلم في الفقه نما قدره ،
ومن كتب في الحديث قويت حجته ،
ومن نظر في اللغة رق طبعه ،
ومن نظر في الحساب جزل رأيه ،
ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه.
قال أبو جعفر الطحاوي : العلم غنى بلا مال ،
وعز بلا عشيرة ، وسلطان بلا رجال .
وقال بعض السلف : كنا نستعين على حفظ العلم بالعمل به فالعمل به من أعظم أسباب حفظه وثباته وترك العمل به إضاعة له.
انتهى والله ولي التوفيق .