My Authors
Read all threads
فجأة؛ صعد أحدهم إلى ظهر الكعبة المشرفة نازعًا عنها كسوتها، ثم أقدم آخرون نحو الحجر الأسود وانتزعوه من مكانه، كل هذا وجثث المصلين ودمائهم الزكية تملأ الحرم المكي الشريف، كان هذا قبل ألف عام من الآن، على يد فئة مجرمة باغية..

قصتنا ....

حياكم تحت!
في ظلال الدولة العباسية وتحديدًا في نهاية القرن الثالث الهجري، كثر الحديث عن رجل زاهد يسكن أطراف الكوفة، ينسج الخوص ويأكل من عمل يده، وله قدرة فائقة على التأثير فيمن حوله، ثم ما لبث أن تطور خطابه إلى حد دعوته لمذهب جديد.
.
كان هذا الرجل هو حمدان القرمطي مؤسس الدعوة القرمطية والتي اتخذت من واسط في العراق منطلقًا لانتشارها، حيث تدثر نشؤوها بأجواء سياسية مشحونة، مثل ثورة الزنج التي استمرت خمسة عشر عامًا، والتي ساهمت في غض طرف الدولة المركزية عنها، وبالتالي ذيوعها وانتشارها دون رادع.
ارتكز القرمطي في دعوته على ركنين أساسيين أحدهما ديني وهو الدعوة للإمام الإسماعيلي والذي كان مجرد غطاء، والآخر اجتماعي، متمثلًا في دعوته إلى إذابة الفوارق بين الطبقات المختلفة والمساواة فيما بينها، وهي دعوة تطورت إلى حد الحض على الثورة ضد الأثرياء ومهاجمتهم.
من أجل تنمية أوجه الدعوة القرمطية ورفع شأنها فرض حمدان على كل منتسبيها استقطاعات مالية ثابتة، استطاع من خلالها تثبيت دعوته أكثر واستقطب بثباتها هذا مزيدا من المدافعين والأتباع، وفي خضم كل هذا، حرص الرجل على السرية خوفًا من التفات الخليفة العباسي إليه.
في لحظة ما، وبعد منح حمدان الثقة لشخص يسمى سعد الجنابي كي يكون مساعدًا له، استقر الرأي على الخروج من واسط باتجاه الاحساء ، وذلك من أجل هدف كبير بالنسبة لهم، ألا وهو إقامة دولة خاصة بهم في تلك الأرجاء. وهو ماحدث بالفعل.
لم يجد الجنابي خيرا من النسب كي يثبّت به أقدامه هو وفرقته، لذا عمد إلى الزواج من ابنة الحسن بن سنبر وهو أحد شخصيات المنطقة المرموقين حينذاك، الأمر الذي عبد له الطريق وأزال من أمامه كثير من العقبات، ومكنه لاحقًا عام 286هـ من تنظيم صفوفه ومن ثم السيطرة على البحرين والقطيف
أخيرًا التفت الخليفة العباسي المعتضد بالله إلى الخطر الذي أصبح عليه القرامطة وقرر التعامل معهم عسكريًا، فأرسل فرقة عسكرية بقيادة عباس الغنوي، وعلى غير المتوقع تلقت الفرقة هزيمة مفجعة، بل وأسر قائدها الغنوي، ولم ينفك عنه القرامطة حتى حملوه برسالة تهديد ووعيد للخليفة العباسي.
بسبب هذه الهزيمة التي لم تخطر على بال قويت شوكة القرامطة واستمروا في التمدد، باتجاه بلاد ومناطق جديدة منها هجر وبلاد الشام، منفذين بحق كل قرية تقابلهم مذابح بشعة، دونها بالتفصيل مؤرخين كثر عاصروا تلك الفترة أبرزهم الطبري والمسعودي.
في العام 300 هـ وعلى حين غرة، سدد أحدهم ضربة لسعيد الجنابي فأرداه قتيلا، وارتقى من بعده إلى قيادة الجماعة ابنه أبو طاهر الجنابي، والذي توثقت على يديه صلة جماعته مع الدولة الفاطمية الناشئة في المغرب، رغم الاختلاف الدولتين إلا أن عدائهما معًا للعباسيين كان كفيلا بجمعهم.
العداء للدولة العباسية وانشغال الأخيرة بإطفاء نار الفتن والانشقاقات، دفع القرامطة إلى محاولة ضرب العباسيين في مقتل، فقاموا عام 312 هـ باعتراض طريق الحجيج وقوافلهم فأنزلوا فيها القتل والفظائع، وحصدوا جراء ذلك غنائم كبيرة ساعدتهم على تنمية قدراتهم.
استمر هذا الوضع إلى سنوات متتالية حتى بلغ الأمر بعلماء المسلمين تحريم الذهاب للحج حفاظًا على النفس والعرض، حتى كان يوم التروية من عام 317هـ ذلك اليوم الذي استباح فيه القرامطة البيت الحرام وعاثوا في الأرض فسادًا وانتزعوا الحجر الأسود من موضعه، وأخذوه معهم إلى القطيف.
أعطى قائد القرامطة الأمان للحجيج وأسكنهم وبث فيهم الطمأنينة، ثم فجأة أمره جنوده بألا يفعلوا شيئًا سوى القتل، تعلق الحجيج المسالمين بأستار الكعبة فلم يمنعهم هذا من بطش المجرمين، وأتوا بالبعض فذبحوهم على سطح الكعبة، فكان الميزاب يقطر دمًا كالمطر تمامًا.
لقد حاد القرامطة فعليا عن الإسلام واعتبروا الكعبة وما حولها أصنامًا يجب أن تهدم، وهذا يفسر جزئيًا جرائمهم البشعة التي مارسوها بحق الجميع، ويفسر كذلك استحلالهم للحرم وقتلهم الحجيج بدم بارد، ثم في الأخير سرقتهم للحجر الأسود ونقله معه إلى عاصمتهم في القطيف.
أقام القرامطة للحجر الأسود منزلاً كبيراً ووضعوه فيه، وقام أبو طاهر الجنابي زعيمهم حينذاك بسن الحج إلى "الجش" بالقطيف بدلاً من مكة، لكن الأهالي والناس رفضوا ذلك، ولم يلبي دعوته عدداً يذكر.
ظل الحجر الأسود في حوزة القرامطة نحو 22 عاماً، وخلال هذه الفترة من الزمن توقف توافد الحجيج إلى مكة تماماً نتيجة للمجازر والقتل الممنهج الذي كان يمارسه القرامطة تجاه القوافل وتجاه سكان جزيرة العرب، والتي بسطوا سيطرتهم على أجزاء كبيرة منها في ذلك الوقت.
فشلت جميع المحاولات في افتداء الحجر الأسود واستعادته من القرامطة، لكن جاء عام 339 هـ مغيرا الوضع، فبعد دفع العباسيين مئات الآلاف من الدنانير فضلا عن ضغوط الفاطميين على القرامطة وبعض الظروف الأخرى، امتثل ملك القرامطة للأمر.
قبل إرجاعه إلى مكة، حُمِل الحجر الأسود إلى الكوفة ونُصِب في العمود السابع لمسجد الكوفة حتّى يتسنّى للنّاس رؤيته، ثم حمل إلى مكة ووضع في موضعه، ليفتح من بعد ذلك طريق الحج، ليتوافد الناس على هذه البقعة المباركة مرة أخرى من كل فج عميق.
اليوم ..
نستعد لموسم مختلف
أعان الله القائمين عليه وجزاهم خير الجزاء

فرغم الجائحة لم يتوقف موسم الحج مع الحرص على سلامة العباد

اللهم ادم أمن حجاجنا واحفظ دولتنا التي سخرت الغالي والنفيس له

(اللهم اجزهم خير الجزاء على خدمتهم لبيتك ورفادتهم لضيوفك )
Missing some Tweet in this thread? You can try to force a refresh.

Keep Current with ماجد الماجد

Profile picture

Stay in touch and get notified when new unrolls are available from this author!

Read all threads

This Thread may be Removed Anytime!

Twitter may remove this content at anytime, convert it as a PDF, save and print for later use!

Try unrolling a thread yourself!

how to unroll video

1) Follow Thread Reader App on Twitter so you can easily mention us!

2) Go to a Twitter thread (series of Tweets by the same owner) and mention us with a keyword "unroll" @threadreaderapp unroll

You can practice here first or read more on our help page!

Follow Us on Twitter!

Did Thread Reader help you today?

Support us! We are indie developers!


This site is made by just two indie developers on a laptop doing marketing, support and development! Read more about the story.

Become a Premium Member ($3.00/month or $30.00/year) and get exclusive features!

Become Premium

Too expensive? Make a small donation by buying us coffee ($5) or help with server cost ($10)

Donate via Paypal Become our Patreon

Thank you for your support!