Thread by @QallamQ

تدبرات في وقت الصلاة، وقوله: إن قرآن الفجر كان مشهودا.
#فكر_من_جديد
#لعلهم_يعقلون
هذه بعض التدبرات التي بحثت فيها سابقا لمعرفة بعض الغموض الذي اكتنفني حين كنت اقرأ الايات:
اقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل وقران الفجر، ان قران الفجر كان مشهودا.
ومن الليل فتهجد به نافلة

وهذه الايات هي تفصيل واضح للاية: اقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل
يُفهم من المجموعتين ان الصلاة المأمور بها تكون في اطراف النهار، اي قبل حلول الليل، وزُلَفا من الليل
لاحظ زُلَف هنا جمع، فهي تدل على الصلاة اكثر من مرة في الليل.

اما دلالة زُلَف فهي تدل على ان المُصلي يصلي مرات متقاربة ببعضها.
وذهب البعض بقوله ان الزُلَف هنا تعني اوائل الليل، ذلك ان زلف الشيء يعني اوله، كقوله تعالى: وأزلفت الجنة للمتقين
وهذا الكلام صحيح لكن الاية تقول: زلفا من الليل، ولم تقل زُلّف الليل

زلف من الليل تعني اوقات متقاربة فيما بينها.
لكن المصحف اشار لصلاة العشاء فهي من زُلَف الليل كما في سورة النور اية 14
وقوله/ اقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل ففيها تفصيل وبيان
الاول هو تحديد طرف النهار للمُصلي
قد يسأل البعض متى نصلي طرفي النهار؟

فتجيبه الاية لدلوك الشمس الى غسق الليل بالنسبة للطرف الاول.
ودلوك الشمس يعني غياب قرصها. والفعل دلك قد اجاد فيه معجم المقاييس وفصله عن مرادفاته بشكل دقيق حين قال:
الدال واللام والكاف أصلٌ واحد يدلُّ على زَوالِ شيءٍ عن شيء، ولا يكون إلاَّ برِفْق. يقال دَلَكَت الشّمسُ: زالت.

فطرف النهار الاول يبدأ من زوال الشمس (دلوكها) والفرق بين الزوال والدلوك شيئين
ان الزوال لايعني غيابه، كزوال الشمس في الظهر، اي تزول عن منتصف السماء وتميل ناحية الغرب. ويبقى الزوال حتى وقت الاصيل (اخر العصر)
لكن الدلوك يعني غياب قرصها عن السماء كليًا. وإن بقيت اثارها في النهار

فدلوك الشمس للاختصار يعني غياب قرص الشمس عن السماء.
وينتهي طرف النهار بغسق الليل. وهناك فهم مغلوط لكلمة غسق، فالناس تظن الغسق مرتبط بالظلمة، وهذا غير صحيح.
اذا نظرنا لايات القران الكريم وجدنا الغسق مرتبط بالحرارة
لايذوقون فيها بردا ولا شرابا
الا حميما وغساقا

فالغسق هنا خلاف الحميم.
الحميم يعني الساخن، لذلك نقول الحمم البركانية، وعين حمئة اي ساخنة
لكن الغسق عكس السخونة.
وغسق الليل يعني انخفاض درجة الحرارة في السماء انخفاض ملحوظ وكبير
وهذا يكون مع بداية الظلمة. وليس في تمامها.

وهنا يجدر الاشارة الى نسبة الغسق الى الليل، فهي اشارة فيها بيان يحل الكثير من الاشكالات
حين يقول الله غسق الليل فانه لا يعني الليل كامل، بل جزء من الليل. وكذلك تستطيع ان ترى الكثير من الايات تصف اجزاء النهار والليل عن طريق نسبة الجزء الى الكل
فغسق الليل لايعني الليل التام،

بل غسقه فقط
وكذلك قوله: مغرب الشمس هو لا يتحدث عن النهار كامل بل عن جزء منه
وهذا يوضح بالدليل القاطع انه اذا ذكر الليل منفردا فانه يعني به الليل المجرد من اجزاء الولوج: الغسق والسحر والفجر وغيره

فحين يقول واية لهم الليل نسلخ منه النهار فاذا هم مظلمون فان الاية تُفهم على ظاهرها، اي الليل يُعرف بظلمته
وحين يقول الله: ثم اتموا الصيام الى الليل، فانه يشير الى الظلام الدامس، اي بعد انتهاء اجزاء ولوج الليل في النهار، وبعد انسلاخ النهار من الليل. وهو تقريبا قبل العشاء بدقائق

اما التفصيل الثاني في قوله تعالى: اقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل فإنها تشير الى وقت الاستغراق في الصلاة، اي كم من الوقت تُصلي.
وقد قمت بحساب دلوك الشمس الى غسق الليل ووجدته من عشرين دقيقة الى نصف ساعة
فهذا هو وقت الاستغراق الذي استنتجته انا، ويختلف باختلاف المكان،

قد يكون عشرة دقائق في الشتاء، وقد يكون 40 دقيقة في الصيف، كله يعتمد على مكانك.
ما أحب الاشارة اليه ان اوقات الصلاة في المصحف لا تُحسب بالدقائق والساعات والثواني
بل تُحسب بالنظر، وقد تعلمت من حازم ان التكليف مناطه العلم.

وحسبك من العلم ان تنظر في السماء يوميًا، وتقرر بناء على ماتراه وقت صلاتك، وموعد افطارك وغيرها من التكاليف التي يأمرك بها القران.
وهذا فيه فائدة عظيمة لا توصف، لانه يزيدك مهارة في الملاحظة، ويعطيك دقة في النظر، وحصافة في التفكير، وحكمة في اتخاذ القرار
لاسيما ان كان امر الصلاة يهمك

نأتي الان لبعض التفاصيل البيانية في قوله تعالى: اقم الصلاة #لـ دلوك الشمس #الى غسق الليل
والفرق هنا بين اللام وإلى واضح كما ترى
قد تسمع احدهم يقول لك: وصلت للرياض، وقد يقول لآخر: وصلت الى الرياض
استخدم المسافر هنا اللام والى بنفس المعنى، لكن المصحف يستخدمها استخدامات مختلفة

وفي هذه الآية استخدام اللام تدل على بداية الوصول، اما إلى فتدل على الوصول التام والكامل

مثلا لو كنت على ابواب دمشق واتصل عليك احدهم وقال: وينك اخي؟

فالادق ان تقول له: وصلت لدمشق، اي انا في بداية دمشق
اما ان كان في حي الصالحية بدمشق (وسط دمشق) واتصلت به فالاجدر به ان يقول: وصلت الى دمشق.
فالفرق بين اللام والى هنا ان اللام تعني الوصول الى بداية الشيء
بينما الى تعني الوصول الى عين الشيء

والى تفيد الاستغراق ايضا، بمعنى انها تفيد ان تستمر على الحالة التي تقوم بها الى انتهاء الوقت
فحين يقول: ثم اتموا الصيام #الى الليل يعني ان تكونوا صائمين الى ان يبلغ الليل مبلغه الكامل.

نأتي الان لقوله تعالى: وقران الفجر، إن قران الفجر كان مشهودا.
ومن الليل فتهجد به نافلة لك

لدي ملاحظة في هذه الاية اريد ابداءها قبل التدبر فيها.
لاحظ تكرار قران الفجر، كررها مرتين
اقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل #وقران_الفجر ان #قران_الفجر كان مشهودا.

لطالما اثار حيرتي هذا التكرار، تكرار قران الفجر، لكن قبل ان نتدبر سوية سبب هذا التكرار دعونا نتفق على شيء معين:
بما ان "قران الفجر" تكررت مرتين فدعونا نسمي التكرار الاول بالقران الاول
والتكرار الثاني بالقران الثاني

يعني حين اقول القران الاول فانا اعني:
اقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل وقران الفجر
وحين اقول القران الثاني فاني اعني:
ان قران الفجر كان مشهودا.
فلنتدبر كلمة قران اولا
البعض بناها على الجذر قرأ وانا اختلف مع من يقول هذا

في القران الاول ارى ان جذر الكلمة هو قرن وبناءه قُرآن بضم القاف كان تقول ثُعبان وسُلطان
فيصبح معنى القران الاول واضح جدا اذ انه منسوب للفجر: لدلوك الشمس الى غسق الليل وقران الفجر
ذلك ان القران الاول معطوف على اقامة الصلاة في اوقات محددة
فيصبح قران الفجر هنا يدل على الوقت ايضا

فما هو قران الفجر الاول؟
هو حين يقترن الليل بالنهار، اي يُصبحا ظاهرين في السماء بنفس الوقت
وهذا واضح جدا في اية الصيام: وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر
ويصبح الفجر اذا الزمان الذي يقترن فيه الليل بالنهار
وتبدأ عمليتي الولوج والانسلاخ

لهذا قال قران الفجر معطوفةً على لدلوك الشمس الى غسق الليل
وهذه التوابع كلها متعاطفة على بعضها لانها اوقات الصلاة فدلوك الشمس هو طرف النهار الاول، وقران الفجر هو طرف النهار الآخر.
والفجر هو انفجار النهار في الليل، ويدل على الظهور الواضح ولا يحدث الا مرة واحدة طول اليوم

فلماذا يسمى الفجر فجرًا؟
حين تقول: مسيلمة الكذاب كاذب فاجر
فانك تقصد بكلمة فاجر انه واضح الكذب، وضوحا تاما
وهذا ايضا يشير الى فجر النهار، فالنهار يفجر على الليل بسبب ضوءه الواضح جدا ويلج فيه، حتى يختفي الليل
ولا يحدث ذلك عند دلوك الشمس، لان النور لا يفجر وقتها

الان قبل ان اذهب الى القران الثاني ارجوك تابع معي هذه الجمل ادناه:
1- اقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل وقران الفجر #ان_قران_الفجر كان مشهودا
2- اقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل وقران الفجر #انه كان مشهودا
الجملة الثانية من تأليفي لابين الفائدة من تكرار قران الفجر

الفائدة من التكرار انه قال قران الفجر لمقصدين مختلفين:
المقصد الاول هو الوقت الذي تحدثنا عنه
اما المقصد الثاني فهو تلاوة ايات القران
ولو كان يعني بقران الفجر مقصدا واحدا لقال الجملة الثانية
2- اقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل وقران الفجر #انه كان مشهودا

وهو هنا يشير اشارة واضحة الى الامر بقراءة القران وقت الفجر، ويؤكد على ذلك بقوله: كان مشهودا
ذلك ان الرب سبحانه وتعالى يشهد هذه الصلاة وكفى به شهيدا، وقد اشار لذلك في سورة المزمل:
ان ربك يعلم انك تقوم ادنى من ثلثي الليل
لاحظ قوله ان ربك يعلم، والشهادة من العلم

لذلك حين كرر كلمة قران الفجر كررها ليبين وقت الطرف الثاني، ويبين ايضا ماذا تقول في الصلاة، وهي صلاة مخصصة لقراءة القران
ثم تأتي الاية الاخرى لتفصل في قوله: وزُلَفا من الليل اذ يقول:
ومن الليل فتهجد به (اي بالقران) نافلة لك عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا.

يعني صلي في الليل واقرا القران بغية أن يبعثك ربك مقاما محمودا
فلاحظ ان الضمير "به" في قوله: ومن الليل فتهجد #به قرنه بالقران: ان قران الفجر كان مشهودا
هذا اما انه يعني ان تقرأ الايات التي قرأتها في الفجر وتتهجد بها
او ان تقرأ ما تيسر من القران
فأي الخيارين هو الصحيح؟

كلاهما خير
لكن لو عدنا الى المزمل وجدنا ترجيح الخيار الثاني على الاول:
ان ربك يعلم انك تقوم ادنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك
والله يقدر الليل والنهار
علم ان لن تحصوه فتاب عليكم فاقرؤوا ما #تيسر_منه
اي اقرأ من الايات ما تيسر لك وما تستطيع فهمه وتدبره

هذه بعض التدبرات التي احببت ان اشارككم اياها بخصوص وقت الصلاة
وانا اعتقد ان القران فصل كل شيء تفصيلا واضحا بينا لا شك فيه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته