محمود حج علي Profile picture
سوري، مقدم برامج، ماجستير علاقات دولية، عضو مجلس إدارة منتدى الأعمال الدولي IBF “موصياد"، يعمل في التجارة الالكترونية @1001global @ibforumorg @muhsin_mahmut

Apr 3, 2021, 21 tweets

#العلاقات_التركية_الإيرانية
سأتحدث اليوم في سلسلة مختصرة حول تاريخ العلاقات التركية الإيرانية

فيها سرد متواضع وبسيط حتى يتسنى للقارئ الإحاطة بتاريخ هذه العلاقات

بسم الله نبدأ بدعمكم بالريتوت 🥰😇🙋‍♂️

ربما تكون العلاقات التركية الإيرانية من أكثر العلاقات تعقيداً في المشتركات والمتناقضات، لما لكل من البلدين تموضع جيوسياسي وديني والنفوذ في الشرق الأوسط، واتسمت على مدار سنوات بين التنافس والتوتر، ولكن ما يجعل العلاقات مستمرة بين البلدين هي "لغة المصالح" والتي يتقنها كل من الطرفين

تعود العلاقات بين البلدين إلى ست قرون وتحديداً بعد معركة جالديران "العثمانيون - الصفويون" عام 1514 والتي رسمت الحدود بين البلدين وبقيت مستمرة حتى يومنا الحالي

ومع تأسيس الجمهورية التركية تحسنت العلاقات بين إيران وتركيا حتى أن بهلوي إيران القريب إيديولوجيا من أتاتورك أعجب بالتجربة الأتاتوركية وأراد تطبيقها في إيران

لكن مع قدوم "الثورة الإيرانية" حدث أول صدام "لم يترجم" بين العلمانية التركية وبين "الإسلامية" الإيرانية، فالنظام في إيران يرى تركيا ذراعاً للولايات المتحدة، وأن تركيا جندي في حلف الناتو، لكن الصدام لم يترجم علمياً، حتى أن تركيا التزمت الحياد في حرب الثمان سنوات بين العراق وإيران

ففي الحقيقة كان العميق بالأمر أن كل من البلدين يخاف من تصدير تجربته للآخر، فلا إيران "الإسلامية" تريد التجربة "العلمانية" التركية، ولا العكس. لكن العلاقات بدأت بالتغير مع عزم أمريكا على احتلال العراق، فكان المشترك بين الطرفين هو حزب العمال الكردستاني

فعلياً فإن أهمية تركيا جاءت بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، واستقلال الدول التركية، واتجاه تركيا لتكون الأخت الكبرى لهم، وبالتالي ستكون تركيا اللاعب الأكبر في دول آسيا الصغرى، وهذا بالضرورة على حساب إيران التي لا تخفي أطماعها هناك، وأذربيجان مثال واضح

مع قدوم حزب العدالة إلى سدة الحكم في تركيا، تغييرات ديناميكيات السياسة الخارجية التركية، فقد أعاد الإسلاميون توجيه السياسة نحو الشرق الأوسط ودول آسيا الصغرى وشمال أفريقيا، وقبلها جاءت زيارة أربكان كرئيس وزراء عام 1996 إلى إيران كأول محطة خارجية له، الأمر الذي عكس الصورة القديمة

فقام أربكان بعقد صفقات غاز مع إيران، كما سهّل تأسيس مجموعة الثماني D8 مع إيران التي تضم مصر وماليزيا وغيرها فيها، فجاءت ردة فعل العلمانية التركية قوية تجاه أربكان، الأمر الذي تعلمه تلاميذ أربكان في حزب العدالة وبقوا حذرين في علاقاتهم مع إيران

بالفعل طور حزب العدالة علاقة حذرة مع إيران، آخذاً بعين الاعتبار التربص الداخلي والخارجي له، فعلاوة على أن إيران ثاني أكبر مصدر للغاز لتركيا، وقعت تركيا اتفاقية مع إيران للتنقيب على النفط في إيران، واتفاقية لنقل النفط من تركمانستان إلى تركيا فأوروبا عبر إيران

تطور التعاون بينهما ليصل حد التنسيق الأمني وخاصة في ملف الأكراد، وصنّفت إيران أيضاً حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية، وتمت ملاحقة التنظيم بتعاون مشترك بين إيران وتركيا، وبقي التحسن مستمراً بين البلدين حتى قيام الثورة السورية 2011 لا يخلوها بعض الخلافات

رغم الخلاف بين تركيا وإيران في سوريا، إلا أن المعالم الأساسية للعلاقة لم تختلف، فبقيت العلاقات التجارية وبقي التنسيق الأمني مستمراً، رغم أن تركيا والسعودية وقطر اتفقتا على دعم المعارضة السورية التي تستهدف إيران بالدرجة الأولى، فإيران فلا ترى في الحرب السورية حرباً مذهبية فقط

إنما ترى في التحالف مع سوريا كبلد عربي قوي وقدماً وممر لحزب الله، ففي عهد الأسد الأب كانت الحركة الإيرانية ضعيفة محدودة في سوريا إذا ما قورنت بعهد الأسد الابن، وتركيا هنا ومنذ البداية كانت قد أوضحت لإيران أنها تعارض الأسد وفق رؤيتها وليس وفق رؤية أمريكا التي ترى مصلحتها في الخلاف

حتى وإن كان الظاهر اتفاق بين البلدين، إلا أن الخلاف واضح وعميق، فتركيا بعد دخولها خط الثورة السورية، بدأت إيران تأخذ الرسائل بأن تركيا بدأت بأخذ موقع اللاعب الإقليمي في سوريا وآسيا الصغرى، زاد في ذلك أن نشر الناتو لصواريخه في تركيا، فجاء تهديد إيراني بضرب صواريخ الناتو في تركيا

تركيا بتغيير سياساتها مع قدوم حزب العدالة والتنمية بقيت بين خياراتها القليلة، فهي بين ضغط الولايات المتحدة لتنفيذ مطالبها وبين رغبة تركيا في التموضع كوسيط دولي، أو على الأقل عدم اعتبارها طرفاً واضحاً، فخفضت تركيا وارداتها النفطية من إيران، ولعبت دور الوسيط في بيع النفط الإيراني

العلاقات بين البلدين بعد ثورات الربيع العربي
خوف إيران من الثورات العربية في كونه سيقلب موازين القوى ضدها وخاصة أنه بدى وكأنها بدأت تستقر في تحالفاتها عربياً، وأما تركيا فترى أنها رغبة شعبية في الحرية والديمقراطية، وتعززت وجهة نظر الطرفين مع مرور السنين مما زاد في تشديد موقفهما

إيران ترى الربيع العربي صحوة ودعوة للدول ديمقراطية يقلل فرص وجودها كحكم ثيوقراطي سلطوي، بينما تدفع تركيا باتجاه التحرر وتعميم النموذج التركي الذي أصبح مرغوباً ومقبولاً لدى شرائح الثورات العربية

وتراجع شعبية إيران في العالم العربي بشكل كبير جداً لحساب نمو شعبية تركيا والتي أصبح يراها الشارع العربي على أنه نموذج يمكن تطبيقه في دول الثورات العربية

سقوط النظام في سوريا يعني بالضرورة اضعاف حزب الله، وعودة السيطرة السنية على بلاد الشام على حساب القوة الشيعية ، وهذا أكبر الخلافات. والأهم من ذلك أن تغيير النظام في سوريا يدفع القوى المعارضة لإيران للقيان بثورة تقلب نظام الحكم فيه، خاصة أن نظام الحكم في سوريا وإيران لا يختلف

في العراق كان لإيران النفوذ الأكبر على حساب تركيا، ففي حين أن إيران كونت علاقات متينة مع الأطياف الدينية والسياسية في العراق، بجانب دعمها بقاء العراق في حالة عدم استقرار للاستفادة من الانفلات الأمني، كان لتركيا علاقات قوية مع إقليم الشمال على حساب إيران

طبعاً هناك الكثير من التفاصيل التي يمكن الحديث عنها، لكن هذا كان سرداً سريعاً لأهم المحطات في العلاقات بين البلدين

إلا أننا إن أردنا تعريف سياسة البلدين يمكن أن نطلق عليها اسم سياسة "المقاومة والحوار"

وصولك هنا يعني أنك قرأت السلسلة
اترك رأيك بتعليق 🥰😇🙋‍♂️

Share this Scrolly Tale with your friends.

A Scrolly Tale is a new way to read Twitter threads with a more visually immersive experience.
Discover more beautiful Scrolly Tales like this.

Keep scrolling