أدهم الخطيب Profile picture
Feb 18, 2019 14 tweets 3 min read Read on X
تحت هذا الثريد تعليقات ومناقشة لما كتبه الفيلسوف الطبيعي الوجودي "ملحد" ريتشارد كارير في كتابه "Sense and goodness in a natural world"، في محاولة لتأسيسه فلسفة كاملة من دون غيبيات أو ميثولوجيا الهية.

#عقلانيون
#ملحد Image
لتشابه الموضوع سأقتبس من مفكّرين آخرين لهم كتابات ترتبط بموضوعنا.

على سبيل المثال :-

أفرد الفيلسوف الفرنسي ميشيل أونفريه في كتابه "نفي اللاهوت" فصلاً بعنوان (مذهب الإلحاد) يناقش فيه ضرورة تأسيس فلسفة بديلة ومنهج مكتمل من دون التعرُّض للغيبيّات أو الميتافيزيقا.
كانت البدايات كما يقول أونفريه عندما افتتح هنري آرفون القصة بكتاب ضمن سلسلة من "que sais" تحت عنوان (النزعة الإلحادية) ويخصص الكاتب نصف الكتاب لمناقشة مذهب الإلحاد عند ديموقريطس وأبيقور ولوقريس ولاموث وقاسندي وهيوم وبابل وتوماس هوبز وجون لوك وديفيد هيوم وغيرهم.
يشرح ريتشارد كارير أسس الفرضية لتصبح معقولة أو من الممكنات المنطقية فكتب يقول "لكي تكون الفرضية معقولة فعليها أن تكتسب معنى، ولا تتصارع مع الأدلة، وتتضمّن أقل عدد ممكن من العناصر الغير مثبتة".
ويقول مستطرداً "بعبارة أخرى فلا يجب أن تتطلب الفرضية الكثير من الإرتجال"، هذه الشروط برأي ريتشارد كارير أساسية ويجب توفُّرها في الفرضية المعقولة.

فيجب أن تكوّن بناء منطقياً متماسكاً من المقدمات، ونقصد بالمعقولة أي لم تثبت صحّتها أو خطأها لكنها من الممكنات المنطقية.
وكما يقول ريتشارد كارير بعد تحقيق شروط المعقولية تكون الفرضية الأرجح هي التي تتوفّر فيها شرطا "القدرة" و "المدى" التفسيري الأكبر.

والفرضية ذات "المدى التفسيري" تفسر حقائق عديدة لا واحدة أو اثنتين، فهي تتصف بالشمولية.
بالإضافة إلى أنها تمتلك خاصية الشمولية في التفسير بمعنى تفسّر حقائق عديدة مختلفة، فهي تجعل الحقائق التي تفسرها محتملة جداً، أو واقعية بشكلٍ كبير.

بمعنى آخر :
لو أخذنا هذا التفسير كحقيقة، فإننا على الأرجح إن لم يكن يقيناً سنعتقد بصحّته.
تاريخياً لجأ معظم البشر إلى اله أو خالقٍ ما لتفسير وجود الكون.

ولكن عندما نخوض في عمق وتفاصيل هذا التفسير سنجده أنه ليس من بين التفسيرات المعقولة أو المقبولة منطقياً بل هو من زمرة التفسيرات المضلّلة والملغّزة وذات الضبابية والمطاطية الشديدة فهو بالأصح تفسير رديء ومهترئ منطقياً.
من المشكلات التي تظهر في التفاصيل حين يبدأ المؤمنون بارتجال ورأب الصدوع المنطقية الكبيرة في هذه الفرضية لجعلها مقبولة ومنطقية.

بمعنى آخر : لي أعناق الأدلة العلمية لتوافق الفرضية الدينية حتى غدا العلم يمشي مائل العنق للأدبيات الدينية.
بالإضافة إلى أن فرضية الإله تتناقض مع كثير من الأدلة ولتتجنّب ذلك فهي تتضمّن تعقيداً هائلاً من الإفتراضات ولحذف تلك التناقضات تلجأ للتفسيرات المُعوَجَّة علمياً.
كما أن فكرة وجود الإله قبل وجود الكون لا توفّر معنى جيّد علمياً، ففكرة أن الإله يفكر ويتصرف قبل وجود الزمكان، رغم أنه لا يوجد "قبل" من دون زمن، ولا "فكرة" أو "فعل" من دون زمكان لتحدث ضمن الزمان وفي حيّز المكان.
ولهذا فإنّ بعض المؤمنين اخترعوا طبقة أخرى من الزمكان غير الزمكان الذي نعيش فيهما لكي يعمل الله ضمنهما، وهذا أيضاً ليس سوى افتراض مرتجل آخر ليس عليه دليل، بل نوع من أنواع المغالطات المنطقية الحلزونيّة للخروج من المأزق المنطقي.
ونظراً لفقدان الأدلة الواضحة على الإله، وحقيقة أن كل شيء رأيناه يحدث ولم يتسبب البشر في حدوثه، هو نتيجة حتمية أو غير حتمية (مباشرة أو غير مباشرة) للأسباب الطبيعية، فنحن إذاً لسنا بحاجة للإله علمياً ومنطقياً ورياضياً.
فالإله لا يؤثّر فعلياً في وجود الكون، لأننا نستطيع تفسير وبناء كل المنظومة الكونية التي هي عبارة عن تجمّع و تكتّل ضخم لكامل المنظومة المعرفية، والأخلاقية، والسياسية، والإقتصادية البشرية بدون الحاجة للإله أو لشرعه المتمثّل في دياناته.

• • •

Missing some Tweet in this thread? You can try to force a refresh
 

Keep Current with أدهم الخطيب

أدهم الخطيب Profile picture

Stay in touch and get notified when new unrolls are available from this author!

Read all threads

This Thread may be Removed Anytime!

PDF

Twitter may remove this content at anytime! Save it as PDF for later use!

Try unrolling a thread yourself!

how to unroll video
  1. Follow @ThreadReaderApp to mention us!

  2. From a Twitter thread mention us with a keyword "unroll"
@threadreaderapp unroll

Practice here first or read more on our help page!

More from @Adhamakhatib

Sep 22, 2020
لدي اقتراح لأعزائي المؤمنين، أفتقد لذعة الحوارات الفيسبوكية مع هيثم طلعت وسامي العنية وأحمد حسن وغيرهم من يقدم نفسه كمجاهد الكتروني ضد "الملحدين" و "العلمانيين" وغيرهم من ذوي الفكر المنحرف، انا مستعد للحوار المثمر مع أكفائكم ودكاترتكم طالما يخلوا من العنتريات والبطولات الزائفة.
"الفكر المنحرف" كما يصفنا طاليس زمانه، ويا ليت لو نتناقش حول (هل نحن بحاجة للإله؟) بمعنى : هل هو ضرورة وجودية؟ أم خدعة وجودية؟ سيكون الحوار متأصلاً في عمق فلسفة التاريخ، والميثولوجيا.. بالاضافة للحفر الجينالوجي والابيستمولوجي لجذور فرضية الحاجة الإلهية.
في إنتظار متقدم، ومرشح يلتزم بمعايير الإستنتاج العلمي والمنطق العلمي في بناء الحجج، شخص متماسك فكرياً وذو تأصيل فلسفي، وله دراية بأهم نظريات حدث الوجود الفلسفية وما يتبعه من احاطة بميكانكا الكم والفيزياء الفلكية الخ... والا ساعتذر منذ البداية، لقلة وقتي وثمنه.
Read 4 tweets
Aug 6, 2020
يقول الفيزيائي الفلكي كارل ساجان :
"You can't convince a believer of anything; for their belief is not based on evidence, it's based on a deep seated need to believe"

"لا يمكنك اقناع مؤمن بأي شيء لأن إيمانه غير مبني على الدليل، إنه مبني على الحاجة العميقة للإيمان".
#عقلانيون Image
كما يتضّح من مقولة ساغان ومن النّظر في حقيقة مفهوم الإيمان الذي يعني ببساطة (غياب الدليل) الذي تحلّ محلّه الحاجة النفسية العميقة، لذلك كان يردد ساغان دائماً "لا أريد أن أؤمن، بل أريد أن أعرف"، ومن شروط المعرفة الصحيحة أن تكون مبنيّة على الأدلّة وأسس المنطق العلمي لتكون مقبولة.
وفي هذا الصدد يقول ساغان :
"Faith is clearly not enough for many people. They crave hard evidence, scientific proof. They long for the scientific seal of approval, but are unwilling to put up with the rigorous standards of evidence that impart credibility to that seal".
Read 16 tweets
Dec 13, 2019
الدّين لم يكن يوماً للعقلاء، فالدّين يقوم أساساً على الصّلة والعاطفة النفسيّة مع الإله، ولا يقوم على أسُسٍ غيرها، فلا يمكنك إثبات وجود الإله "علمياً" لكن بإمكانك إثبات وجوده "نفسياً" في عقول المؤمنين.
يقول الأديب الكبير عبّاس العقّاد "إن الكون عظيم لا تحده العقول، ولكن عظمته تلك لم تغننا عن الإيمان بالإله؛ لأننا حين (نؤمن) إنما نطلب شيئًا غير العظمة فيمن نؤمن به، وذلك الشيء هو العاطفة والصلة النفسية واليقين بأنّ الحكمة الإلهية مرتبطة بحياة كل فرد منا".
ويقول أيضاً "والذي أراه أن الأديان جميعها تقوم على شيء أكثر من الإيمان بقدرة حكيمة
عظيمة في الوجود، تقوم على الإيمان بصلة العطف بين الإنسان وتلك القدرة فوق الإيمان
بحكمتها وعظمتها وسائر صفاتها".
Read 5 tweets
Nov 16, 2019
يقول Albert Einstein معبّراً عن رأيه في قضية وجود إله الأديان الإبراهيمية :
"It seems to me that the idea of a personal God is an anthropological concept which I cannot take seriously".
"يبدو لي أن فكرة الإله الشخصي مفهوم أنثروبولوجي (بشري) لا أستطيع أن آخذه بجدية".
#عقلانيون Image
آينشتاين هنا يعبّر بشكلٍ واضحٍ وصريح عن شكّه حيال وجود إلهٍ شخصي (skepticism)، مثل إله الأديان الإبراهيمية حيث وصف هذه الرؤية الفلسفية للإله بأنها رؤية naïve أي : ساذجة، كما نقرأ هنا في رسالته لBeatrice Frohlich في 17 ديسمبر عام 1952:
"The idea of a personal God is quite alien..
supplement : "The idea of a personal God is quite alien to me and seems even (naïve - ساذجة)."

ويقول أيضاً "My views are near those of Spinoza: admiration for the beauty of and belief in the logical simplicity of the order which we can grasp humbly and only imperfectly".
Read 17 tweets
Jul 2, 2019
في البداية أحذّرك للمرّة الأخيرة، إن قمتَ بشخصنة الموضوع أو قلّلت أدبك معي مرّة أخرى فسأرميك في سلّة الحظر فوراً ولن أتسامح معكَ إطلاقاً.

أما الآن فسنقوم بتحليل جميع مقدّماتك (أسفل التغريدة) والتي بنيت عليها جميع حججك وإستدلالاتك.

#عقلانيون
أُذكّرك بالقاعدة الأولى والأهم في المنطق والتي يعرفها طالب السّنة الأولى في الفلسفة، والتي تفيدُ بأنّ "المقدّمات الخاطئة تؤدّي حتماً لنتائج خاطئة" وهذا يقودنا تالياً إلى قاعدة منطقية أخرى تفيدُ بأنّ "النتائج الخاطئة تعني حتماً أن المقدّمات أو الإستدلال أو كلاهما كان خاطئاً".
فإذا كانت مقدّماتك التي انطلقت منها في بناء حججك مغلوطة فإستدلالك الكلّي مغلوط وهذا ما سأثبته في التغريدات القادمة.
Read 54 tweets
Jun 19, 2019
في الواقع أحد أسوأ الجرائم التي ارتكبتها البشرية على مدار تاريخها كانت بحق المرأة، وسأتحدّث هنا حصراً وتحديداً عن ظلم المرأة من قبل الفلاسفة والمفكرين.

وفي هذا الصدد يقول المفكر النرويجي جوستاين غاردر "تاريخ الفلسفة محصور بالرجال، فقد كانت النساء مقموعات كنساء وككائنات مفكرة".
بدايةً من أفلاطون الذي اعتبر المرأة في الأصل نوع من أنواع العبيد، مروراً بمفكري العقد الاجتماعي مثل جان جاك روسو الذي قال في كتابه "Emile, or On Education" بأن المرأة تعيش في عالم آخر يمثل إمبراطورية النعومة، وأن عنوانها الشكوى وأوامرها ناعمة وتهديدها يعبر اندفاعات عاطفية.
بالإضافة إلى أنه حرم المرأة من حق تعليم أبنائها، واعتبر الإبن الحسن هو لدى الأب الحسن والزوج الحسن هو المواطن الحسن.
Read 8 tweets

Did Thread Reader help you today?

Support us! We are indie developers!


This site is made by just two indie developers on a laptop doing marketing, support and development! Read more about the story.

Become a Premium Member ($3/month or $30/year) and get exclusive features!

Become Premium

Don't want to be a Premium member but still want to support us?

Make a small donation by buying us coffee ($5) or help with server cost ($10)

Donate via Paypal

Or Donate anonymously using crypto!

Ethereum

0xfe58350B80634f60Fa6Dc149a72b4DFbc17D341E copy

Bitcoin

3ATGMxNzCUFzxpMCHL5sWSt4DVtS8UqXpi copy

Thank you for your support!

Follow Us!

:(