العلمانية دين وضعي أرضي كغيرها من الأديان وأصحابها يؤمنون بها كحقيقة مطلقة سواء كانت ليبرالية صليبية أو شيوعية إلحادية مادية وكل من آمن ودان بها فقد اتخذها دينا ولهذا تقام لها الدول وتشن من أجلها الحروب وتقتل بسببها الشعوب كما فعلت روسيا من أجل الشيوعية وأمريكا من أجل الليبرالية!
الأديان الوضعية تجعل من السلطة ربا ففرعون مع عدم إيمانه برب حتى قال لموسى﴿وما رب العالمين﴾ يدعو إلى إقامة الدين والطاعة له بقوله ﴿ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم﴾ فسمى طاعتهم وخضوعهم له دينا وقال قومه ﴿أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون﴾ أي طائعون خاضعون
الصراع الإسلامي العلماني ليس بين الدين والعقل والعلم كما يصوره دجاجلة الفكر بل بين دينين وعقليتين وعلمين ولهذا كان الخطاب القرآني صارما مع كل الملل ﴿قل يا أيها الكافرون.. لكم دينكم ولي دين﴾ بما فيهم الدهريون الماديون الذين يقولون ﴿نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر﴾ فلهم دينهم!
كل دين سماويا كان كالإسلام أو وضعيا كالعلمانية تتشكل له عصبية تحمل أتباعه على الموالاة والنصرة فيما بينهم مهما اختلفت قومياتهم وبلدانهم فالشيوعيون يتناصرون والليبراليون كذلك ﴿والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض﴾ ﴿والذين كفروا بعضهم أولياء بعض﴾ ﴿والمنافقون.. بعضهم من بعض﴾
عرف المسلمون الحرية والمساواة حتى قال النبيﷺ (اسمعوا وأطيعوا وإن ولي عليكم عبد حبشي) قبل أن يعرفها الليبراليون في أمريكا التي ما تزال تعيش التمييز العنصري!
وقرر الفقهاء الدستوريون كالماوردي تولي غير المسلم وزارة التنفيذ (رئيس وزراء) في نظام الخلافة قبل أن يعرف الغرب حقوق الإنسان
على الكتاب والسنة قامت الدولة النبوية والخلافة الراشدة والحضارة الإسلامية التي ملأت الأرض رحمة وعدلا وعلما ألف عام من قرطبة غربا حتى سمرقند شرقا وكلما تجافى المسلمون عنهما اضطربت شئونهم وظهر عليهم عدوهم وكلما عادوا إليهما استقامت أمورهم كما فعل ابن تاشفين وصلاح الدين ومحمد الفاتح
مهمة الأمة والدولة في الإسلام حمل رسالة الله للعالمين من الدعوة إلى توحيده وتحرير الخلق من العبودية لغيره ﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف﴾ إلى جهاد الطاغوت الذي يحول دونه ﴿الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان﴾!
الهوس بالعلمانية الليبرالية اليوم هو أثر من آثار تنامي نفوذ المحتل الأمريكي في العالم العربي منذ ١٩٩٠ بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وسيزول بزواله كالهوس بالشيوعية منذ ١٩٥٦ كأثر لتنامي نفوذ روسيا في المنطقة كما كان الهوس بالقومية أثر من آثار المحتل البريطاني الفرنسي الذي أسقط الخلافة!
أصل الدين ﴿فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى﴾ ثم نبذ اتباعه وولايته ﴿الله ولي الذين آمنوا .. والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت﴾ ثم رفض التحاكم إليه ﴿يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به﴾ ثم جهاده ﴿والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت..﴾!
دكتاتورية الأكثرية لا تقل خطرا وطغيانا عن دكتاتورية الأقلية حتى صارت أوربا الليبرالية اليوم تحرم الإنسان حقه الطبيعي في اللباس باسم القيم العلمانية وجاء الإسلام لينهي كل أشكال الطغيان البشري بتوحيد الله في الحكم والطاعة لمنع طغيان الجماعة وأوجب الالتزام بالشورى لمنع طغيان الفرد!
Missing some Tweet in this thread?
You can try to force a refresh.

Like this thread? Get email updates or save it to PDF!

Subscribe to أ.د. حاكم المطيري
Profile picture

Get real-time email alerts when new unrolls are available from this author!

This content may be removed anytime!

Twitter may remove this content at anytime, convert it as a PDF, save and print for later use!

Try unrolling a thread yourself!

how to unroll video

1) Follow Thread Reader App on Twitter so you can easily mention us!

2) Go to a Twitter thread (series of Tweets by the same owner) and mention us with a keyword "unroll" @threadreaderapp unroll

You can practice here first or read more on our help page!

Follow Us on Twitter!

Did Thread Reader help you today?

Support us! We are indie developers!


This site is made by just three indie developers on a laptop doing marketing, support and development! Read more about the story.

Become a Premium Member ($3.00/month or $30.00/year) and get exclusive features!

Become Premium

Too expensive? Make a small donation by buying us coffee ($5) or help with server cost ($10)

Donate via Paypal Become our Patreon

Thank you for your support!