منتصف القرن التاسع عشر تحديدًا عام 1844م خرج تاجر شاب من شيراز معلنًا تلقيه رسالة سماوية، ومبشرًا أيضًا برسول يأتي من بعده كما يزعم، الشاب التاجر هو "علي محمد الشيرازي" أو الباب وهو اللقب الذي اختاره لنفسه لاحقًا
ما قصة الباب .. ودينه .. وعلاقته بالبحرين ومصر وعكا
حياكم تحت🌹
ما قصة الباب .. ودينه .. وعلاقته بالبحرين ومصر وعكا
حياكم تحت🌹
يعتقد الشيعة الإثني عشرية أن إمامهم الثاني عشر غاب عام 255هـ وسيعود لاحقًا في آخر الزمان لينشر العدل والقسط، تبعًا لهذا الظن ومع اقتراب مرور ألف عام على اختفائه نشطت في إيران مدرسة شيعية عرفت بالشيخية تبشر بقرب ظهور الإمام كما يزعمون وتدعو له.
كان أحمد بن زين الدين الأحسائي مؤسس الشيخية يطوف في الشوارع والقرى ويبشر بقرب ظهور الإمام أو المهدي ويتوقع أن يكون ذلك عام 1260هـ، وتبعه في ذلك الأمر من بعده خليفته كاظم الرشتي، وقبل شهور من حلول الموعد المتوقع مرض الرشتي ومات دون أن يوصي لأحد من بعده بقيادة الجماعة.
مع حلول الموعد الذي حدده الأحسائي لظهور المهدي ساد الهدوء في الأرجاء، كثيرون يترقبون أن يظهر أحدهم، لم يخيب الباب ظنونهم وترقبهم، وخرج معلنًا عن تلقيه وحي إلهي، وأنه رسول من الله، وأن مهمته تتلخص في التمهيد والتبشير بمن سماه "من يظهره الله" والذي سيكون للعالم مربًيا وهاديًا.
قدرة الباب على الإقناع والظروف المهيأة له، جعلت بعض من حوله يصدقونه ويبايعونه، حيث أطلق على أول 18 شخصًا آمنوا به اسم "حروف الحي"، وهم من أوكلهم بالانتشار في كل مكان لتبليغ دعوته، أما هو ففي نفس عام إعلانه لدعوته 1844م ذهب إلى مكة للحج ولدعوة الناس، لكنه لم يلق أي آذان صاغية.
زاد عدد أتباع الباب بشكل مطرد فقط خلال عامين، وهو الأمر الذي دفع الحكومة الايرانية للقبض عليه واحتجازه في إحدى القلاع الحصينة، واستغل الرجل تلك المدة التي سجن فيها في تدوين ما يعتبره أتباعه حاليًا بالتنزيل السماوي.
أعدم الباب عام 1850 رمًيا بالرصاص مع أحد أتباعه "محمد علي الزنوري"، والذي أصر أن يعدم معه، فيما كان كبار أتباع الباب قد اجتمعوا في صحراء بعيدة أثناء سجنه ودشنوا ما يشبه المؤتمر واستقروا على إعلان البابية ديانة قائمة بنفسها وغير تابعة للإسلام.
حسين علي نوري اسم ظهر وبقوة كأحد أتباع الباب، حيث لعب دورًا قويًا في نشر دعوته واتخذ لذاته لقب بهاء الله، سجن عام 1852 بتهمة محاولة اغتيال الشاه، وبسبب مكانة عائلته وقربها من البلاط الملكي أطلق سراح الرجل مع نفيه إلى العراق.
على ضفاف نهر دجلة أكمل الرجل دعوة الباب، وأعلن عام 1863م نفسه الرسول الذي بشر بمجيئه الباب، حيث زعم أن الوحي قد تنزل عليه منذ أن كان في السجن، ليتم نفيه مرة ثانية لكن إلى اسطنبول ومنها إلى درنة وانتهاء إلى حيفا وعكا، والتي سجن في قلعتها لسنوات.
بعد تخفيف ظروف اعتقاله، استقر البهاء في عكا واستمر في الدعوة لفكرته، واستجاب له عدد غير قليل من الناس، وكرفيقه السابق الباب، دون البهاء خلال مدة حبسه التي قاربت 40 عاماً كتبا ورسائلا قدسها أتباعه، لعل أبرزها الكتاب الأقدس الذي اشتمل على تعاليم دعوته.
قرب نهاية حياة البهاء، تراخت شدة السجن وتطبيق احكام السلطان العثماني عبد العزيز شيئا فشيئا. ورغم أن البهاء كان لايزال سجينا رسميا، إلا أنه سمح له أن يعيش عددًا من سنواته الأخيرة في بيت واسع يقع في إحدى ضواحي مدينة عكا، كان قد اشتراه له ابنه عباس افندي.
توفي البهاء عام 1892 ودفن في عكا في إحدى الغرف المجاورة لقصر البهجة محل إقامته الأخير، وهو مزار ديني يحج إليه أتباعه حتى الآن، ويتخذون منه قبلة لهم، أما رفيقه الباب فقد جرى الاحتفاظ برفاته مدة 60 عاماً بعد إعدامه إلى تم نقله إلى مرقده الأخير في حيفا.
قبل موت البهاء أوصى بالخلافة بعده لنجله عباس أفندي والذي لقب بـ عبد البهاء، والذي ورثها من بعده لحفيده شوقي أفندي والذي توفي عام 1957 دون أن يوصي لأحد، لتنتقل إدارة شئون البهائيين من بعده لمؤسسة أسموها بيت العدل الأعظم.
يؤكد البهائيون أنهم منفصلون بدعوتهم عن أي دين آخر، وأن الباب والبهاء ما هم إلا جزء من سلسلة الرسل الإلهية التي ضمت من قبلهم كما يزعمون إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد، فضلًا عن زرادشت وبوذا، وأن الله واحد، وما الديانات السابقة عليهم إلا مراحل للتجلي الإلهي كما يعتقدون
بالنسبة للطقوس التعبدية فهناك ثلاث صلوات يومية للبهائيين أداء أحدها يغني عن البقية، أما عن قبلتهم فيتوجهون فيها إلى مدينتي عكا وحيفا في فلسطين، حيث يقع ضريحي كلا من البهاء والباب على التوالي، كذلك يحج البهائيون إلى تلك الأضرحة كشعيرة من شعائر دينهم.
دور العبادة لدى البهائيين تسمى مشارق الأذكار، وهي مكرسة كما يقول البهائيون لذكر الله والثناء عليه، لكل منها قبة وتسعة جوانب وتسعة مداخل مفتوحة طوال العام لاستقبال الناس من جميع الملل والنحل حيث تتلى فى تلك المشارق آيات ونصوص مختلفة من جميع الديانات.
يراعي البهائيون في بناء مشارق الأذكار أن تكون ذات تصميم هندسي إبداعي، مستوحى من النجمة التساعية التي اختاروها رمزا لهم، للبهائيين حول العالم سبع أو ثماني مشارق، إحداها في ويلميت بشيكاغو فضلا عن الهند واستراليا وألمانيا وأوغندا وبنما وكوريا الجنوبية.
انفتاح البهائيين على جميع الأديان نابع من المبدأ الأساسي لهم والذي يؤكد على الوحدة الروحية للجنس البشري، وكون الأديان جميعها ذات منبع واحد هو الله الواحد، وأن البشر جميعهم متساوون، وما التنوع المتوارث والكائن بينهم إلا مثار قوة، يجب استغلالها واحترامها وتقبلها كما يرون.
الصلاة عند البهائيين لا تتم بصورة جماعية إلا في لحظات التأبين وتوديع الموتى، سوى ذلك فالصلاة انفرادية يمارسها كل شخص بانتظام، وهي عبارة عن أدعية و تراتيل خاصة مستمدة من تعاليم البهاء ومن قبله الباب، ولا يشترط للصلاة أن تتم في دور العبادة، بل يمكن أن تتم في البيوت والأماكن العامة.
للبهائيين أيام يصومون فيها، يبلغ عددها 19 يومًا تبدأ في 2 مارس، كما أن لهم تقويما خاصًا بهم عدد أيام الشهر فيه تبلغ 19 يومًا، والسنة الأولى منه توافق عام 1844 وهو العام الذي بدأت فيه الدعوة البابية، أما أعيادهم الرئيسة فهي نحو 7 أعياد، أهمها العيد الأعلى وهو أيام الصوم.
ينتشر البهائيون في كثير من البلدان، فبينما يرى البعض أن تمركزهم الأساسي يقع في إيران، يرى آخرون أن أمريكا تحتوي على الكتلة الأكبر منهم بواقع 2مليون شخص، بينما البهائيون أنفسهم يرون كتلتهم الأكبر في الهند وأمريكا الجنوبية، وتشير بعض التقديرات إلى أن عددهم ٦ مليون بهائي حول العالم
للبهائيين في الدول العربية وجودًا ظاهرًا أعلنوا عنه أكثر من مرة، لعل أبرز ظهور لهم تم معاينته بوضوح في مصر حيث ثارت قضيتهم وبشدة عام 2006 حين أصدر القضاء الإداري حكما يمكنهم من وضع اسم ديانتهم في بطاقات الهوية، لكن سرعان ما تم إلغاء الحكم بحكم آخر.
في عام 1941 وعندما أعلنت الحركة البهائية عن حاجتها لدعاة جدد في بلدان مختلفة، أقدم الإيراني أبو القاسم فيضي على الذهاب إلى البحرين، حيث مارس دورًا محوريًا في تأسيس أول نواة للبهائيين في الخليج العربي، لكن لا تعدو الطائفة صغيرة غير مؤثرة.
يؤمن البهائيون بالنبي محمد وبأنه رسول من عند الله، ويقدسون القرآن وينظرون إليه نظرة تأثر وتفاعل، كل هذه الاعتبارات جعلتهم يندمجون في المجتمعات العربية فضلًا عن أنهم لا يعلنون عن أنفسهم كبهائيين، كي يتلاشون أي نظرات سلبية إليهم..
من الفنانين المشاهير الذين اعتنقوا الديانة البهائية في العالم "أليكس روكو، لويد هاينس، أنتوني عزيزي، كارول لومبارد، إيفا لا روي، دان سيلس، رين ويلسون، ديفيد كاميرون، والمطربة الإيرانية” “عهدية"، والفنان التشكيلي المصري حسين بيكار.
