1 من 19-وقفة مع هزيمة جديدة يصنعها المسلمون بأيديهم وعلى رأسهم العلماء وهم يستبشرون بها كأنها نصر
كلمة أسقف اليونان بحق الإسلام
2-في دين الإسلام مسموح لأهل الكتاب الحفاظ على عقائدم بما فيها إنكارهم نبوة محمدﷺ والتي تعني تلقائيا إنكارهم أن الإسلام دين ويختلف النصارى واليهود في نظرتهم لمحمدﷺ بين القديم والحديث وأيضا حديثا ذهبوا فيه مذاهب وبقية مذاهب الشرك لهم تبع حاليا
3-فليس من الإسلام في شيء أن تطلب من غير مسلم الاعتراف بنبوة محمدﷺ وما لم يعترف بها فهو تلقائيا يعني أنه لايرى الإسلام دينا سماويا على الأقل
أما الاعتراف الظاهري بنبوة محمد أو عظمته وسآتي على هذا الأمر وبالتالي الإسلام ووصفه بدين عظيم أو سواها فهذه ظهرت حديثا بعد هيمنة العلمانية
4-هناك مذهبان رئيسان في نظر المسيحيين بالغرب لمحمدﷺ
الأول اعتباره مصلح عظيم وفكرة الدين والوحي هي أسلوب يعني بروباغاندا لتحقيق هذا الإصلاح وهذا ما يعلنه غالب المستشرقين
الثاني يراه قائد طموح أراد بناء مجد تطور بالتدريج وادعى فيه النبوة
5-مع ظهور فكرة العلمانية وتحييد الأديان ظهرت أوصاف للأديان جميع الأديان بالرقي والسمو كعقائد غرضها إحداث توازن بين رغبات الإنسان وتلبية رغبة لدى البشر بالاعتقاد بقوة عظمى تفسر ما لايستطيعون فهمه
6-على هذا الأساس مع هيمنة العلمانية وتحولها لواقع في الغرب أي بعد زوال فكرة الدين الحقة وتحول الأديان إلى مجرد عقائد وأفكار في الحيز الششخصي للفرد رأينا الأوصاف التي تصف الإسلام بالعظمة فلا الإسلام ولا المسيحية باتت بنظر هؤلاء أديان
وبالتدريج قبلت المسيحية ذلك وانزوت في الكنيسة
7-لكن الإسلام أعمق من المسيحية في تأثيره على حياة المسلمين ولا يمكن أن ينزوي وف خضم صراع العلمانية مع الإسلام وأديان أخرى ظهرت فكرة الاعتراف الظاهري المتبادل بين الأديان كأفكار وعقائد للسلام الداخلي للبشر كلها تؤدي نفس الغرض دون أن تكون أديانا حقيقية فهذه الصفة تحتكرها العلمانية
8-أول هزيمة للإسلام أمام الهجمة العلمانية كانت انتشار أوصاف التبجيل الخاصة للعلماء المسلمين سماحة وسواها وهي تعني أن هؤلاء طبقة خاصة ترعى شؤون العقائد وتمثل مرجعيتها وبما أن هذا ضعيف الأثر على الإسلام كون علاقة المسلم بالله لا تتطلب المرور عبر ككنيسة أو رجل دين كانت الخطوة الأهم
9-كان لابد من مأسسة طبقة العلماء وتشكيل مرجعيات دينية تسهل للمستعمر من جهة السيطرة على الدين وبنفس الوقت تضع الاساس لفكرة العلمنة وعزل الدين في حيز المسجد فظهرت مجلة الأحكام العدلية ثم الأزهر وهيئة كبار العلماء ومثيلاتها الأقل شهرة وليس آخرها اتحادات العلماء
10-هذه المؤسسات تبادلت الاعتراف مع مؤسسات دينية أقدم منها غالبا مسيحية كنسية على أساس الاحترام المتبادل الذي يستبطن أنها مفاهيم للسمو النفسي لمعتنقيها لا أكثر وليست خطابا من قوة خالقة تتطلب من معتقيها الالتزام بسلوك محدد والانتماء إلى مجمع المعتنقين هنا سقطت فكرة الأمة المسلمة
11-فسقوط فكرة الأمة واقعيا خاصة في سلوك العلماء والساسة المسلمين كان سابقا على سقوط رمزيتها أي الخلافة بكثير
رغم أن الخلافة هي التي أسست أول مؤسسة دينية سعيا من محمود2 حينها للسيطرة على التوجهات الدينية وردة فعل على حركات تجديد بغض النظر عن صلاحها أهمها الوهابية
12-انتماء المسلم لمجموع المسلمين كانتماء رئيس يظلل ولا ينفي انتماءاته الأخرى لقوميته وعشيرته وبلده كان أهم عقبة أمام العلمنة التي اختارت تفكيك أسسه
فظهرت طبقة رجال الدين ومؤسساتهم لتعزل عامة المسلمين عن مرجعيات العقيدة المباشرة التي هي نصوص وأفكار وجعلها من خلال مرجعيات بشرية
13-بنجاح هذه الخطوة تم تقطيع المسلمين إلى قوميات ثم إلى شعوب ودول صار الانتماء لها أعلى من الانتماء للمسلمين ولكل مرجعيتها الدينية الخاصة وإن ظل للمرجعيات الكبيرة تأثير عابر للحدود لكنه محدود مقارنة مع الأمة المسلمة ككل
14-ثم صنعت العلاقة بين المؤسسات الإسلامية وقرينتها الكنسية أو الهندوسية والبوذية بالشرق وظهر مفهوم الاعتراف الظاهري المتبادل والذي على إثره صار رفض المفهوم الديني للآخر جريمة كما رأينا منذ أيام في التهنئة بعيد الميلاد للإله المتجسد المزعوم أو حاليا التهنئة بأعياد الصينيين وسواهم
15-قبلت المؤسات الدينية الرسمية هذه العلاقة وإن تأخرت في الاعتراف المتبادل بالنسبة لهيئة كبار العلماء مثلا حتى وقت قريب وبذلك باتت عقائد الآخرين شكل آخر من أشكال العقيدة وهو مفهوم ليس حديث فقد طرحه متصوفة باسم وحدة الأديان التي تؤسسة على وحدة الوجود وحلول الخالق في خلقه
16-لهذا من الطبيعي مع ظهور ممانعة الإسلام للاعتراف بالعقائد الأخرى كما ظهر في أعياد الميلاد أن تسعى العلمانية لجر المسلمين لطلب هذا الاعتراف والاحتفاء به من خلال الغضب من عودة رجل دين مسيحي لطرح الاصل وهو أن المسيحية لاتعترف بنبوة محمد ولا بكون الإسلام دين بالتالي
17-ولأن هذا يتزامن مع هجمة مسعورة على السعي السياسي لإبقاء الإسلام حاضرا في الحيز المجتمعي والسياسي والانتماء السلوكي له لمجموع المسلمين حتى في غير دار الإسلام سيكون لغضب المؤسسات الدينية وأتباعها من تذكير الاسقف اليوناني بالأصل أي عدم اعتراف المسيحية بالإسلام أثر عميق
18-فكيف يحق لك أن تطالبهم بالاعتراف بنبوة محمد وأنت ترفض عقيدتهم في ألوهية المسيح وتعتبرها وهم ودجل وترفض مجرد تهنئة المسيحيين بها
بعض مؤسسات "كنائس" الإسلام كالأزهر أفتت بجواز التهنئة بعيد الميلاد أي الاعتراف الضمني أو الظاهري بولادة الإله المتجسد التي هي سبب الاحتفال
19-وبذلك يقبل الإسلام عبر مؤسساته التي قبلها المسلمون وظنها بعض علمائنا نصرا وإنجازا هذا التراجع من عقيدة منزلة تنفي ما يخالفها من عقائد وتهيمن على سلوك معتنقيها إلى مجرد أفكار وروحانيات خاصة بالمسجد كأي أفكار مماثلة للسمو النفسي والأخلاقي لمن يقتنع بها ويحتاجها

• • •

Missing some Tweet in this thread? You can try to force a refresh
 

Keep Current with عبدالله الحارث

عبدالله الحارث Profile picture

Stay in touch and get notified when new unrolls are available from this author!

Read all threads

This Thread may be Removed Anytime!

PDF

Twitter may remove this content at anytime! Save it as PDF for later use!

Try unrolling a thread yourself!

how to unroll video
  1. Follow @ThreadReaderApp to mention us!

  2. From a Twitter thread mention us with a keyword "unroll"
@threadreaderapp unroll

Practice here first or read more on our help page!

Did Thread Reader help you today?

Support us! We are indie developers!


This site is made by just two indie developers on a laptop doing marketing, support and development! Read more about the story.

Become a Premium Member ($3/month or $30/year) and get exclusive features!

Become Premium

Too expensive? Make a small donation by buying us coffee ($5) or help with server cost ($10)

Donate via Paypal Become our Patreon

Thank you for your support!

Follow Us on Twitter!