#سلسلة عن الانسحاب الأمريكي من الشرق الاوسط وسياسات الفريق الحالي في البيت الأبيض وما يترتب عليه من تبعات على دول المنطقة وعلى سرعة العودة لاتفاق ضعيف وغير محكم مع إيران.
بعض الطرح المتكرر والذي يصور أن دول الخليج أو المملكة تستجدي الوجود، وليس التواجد، الأمريكي، حتى لو كان بشكل غير متعمد وغير مباشر أو بنية حسنة، أو أنها هي الطرف الذي يحتاج لهذا الوجود أكثر من حاجة الأمريكيين له، هو مضلل، حتى لو صدر من صديق.
مقدمة ضرورية وعدة حقائق أساسية حول المنطقة ووجود أمريكا فيها:
لا شك أن أهمية الشرق الأوسط والخليج قد تراجعت ولأسباب كثيرة في الميزان الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية وهذا التراجع ليس جديداً وليست مفاجأة خطيرة اكتشفها بعض المحللين مؤخرا بقدراته الخارقة كما سمعت من أحدهم.
بل هو انسحاب بدأ بالتسارع منذ نهاية الحرب الباردة ولعدة أسباب بعضها بنيوي والبعض الآخر ليس كذلك …ومن هذه الأسباب، وليس كلها، أن النفط الشرق أوسطي قد انخفض الاحتياج له على الأقل بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية …...
السبب المهم الآخر بظني والذي لا يتطرق له كثيرا أن إسرائيل لم تعد بحاجة دعم عسكري مكثف أمريكي فهي من يخشاها كل محيطها وليس العكس. كما أن هناك ملل أمريكي من الفشل المتكرر في جهودها… أيا كان تقييمنا لتلك الجهود… نحو سلام عربي إسرائيلي. ……
يعني بنهاية المطاف الولايات المتحدة لديها طاقة محدودة حتى وان كانت هائلة وهذه الطاقة لا بد من توجيهها لأهم المصالح التي تهم هذه الامبراطورية …وهي التمحور نحو اسيا وإيقاف صعود الصين وما يستتبع ذلك من تكاليف وواجبات.
أنا أقول،،أخذا بكل هذا بالاعتبار، هل سيؤدي ذلك لأن تنسحب الولايات المتحدة بالكامل من الشرق الأوسط؟.…الحاجة للبقاء في الشرق الاوسط مع الأهمية المنخفضة للمنطقة هي حاجة أمريكية أولا قبل أن تكون خليجية مثلا، وأنا هنا أشرح الواقع، هذه ليست رغبات او أمنيات….
لماذا هي مصلحة أمريكية ولماذا على دول الخليج بالتحديد استغلال هذه المصلحة والأهم توظيفها لصالحهم؟
أولاً: المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط ليست فقط استيراد نفط وحماية إسرائيل كما السردية المتكررة فهذا فقط جزء من الصورة وليست الحقيقة كاملة، بل المصلحة الأمريكية أعظم وأكبر من ذلك.
وبعكس السائد أنا أقول وأزعم أن الوجود في الشرق الاوسط وأهمية الخليج العربي تزداد بشكل أكبر كلما زادت بين هلالين (ليبرالية) الإدارة الأمريكية، أو حتى اندفاعها أو تطرفها باتجاه معين، كما هو الحال مع الفريق الحالي (الديمقراطي) في البيت الابيض..
ثانيا: الشرق الأوسط والخليج أساسي في تحديد مكانة الولايات المتحدة العالمية. فهو الضامن لحرية الملاحة والتجارة والتكامل الاقتصادي العالمي، وهو الموازن للقوى العالمية المتنافسة.
وحتى نفط الخليج العربي له تأثير مباشر وغير مباشر على المصلحة الأمريكية الاستراتيجية في تشكيل سوق الطاقة العالمي والتأثير عليه وهذا ينعكس على النفوذ الأمريكي مقابل روسيا وأوروبا والصين واليابان وغيرهم.
بعبارة أبسط، أي انسحاب أمريكي سريع سيزيد قطعا من نفوذ روسيا والصين وأيضا تركيا وإيران…المحصلة ستكون انفجارا في المنطقة وفوضى وتدميراً لهذا النظام الليبرالي العالمي والتي تدعي الولايات المتحدة بقيادتها الحالية خصوصا أنها حاملة لواءه وحارسه في العالم.
وحتى إذا اختار الفريق الحالي الحاكم في الولايات المتحدة التعريف الأضيق والمتمحور حول الذات لمصالح الولايات المتحدة وفك الارتباط بالشرق الأوسط والإسراع بعقد اتفاق مع ايران والهرب من المنطقة، فستجبرهم المصالح الامريكية الخاصة على العودة للمنطقة والعودة ستكون مكلفة ولن تكون سهلة .
مثال، حتى بالقناعة الأمريكية التي لا يخالجها شك تجاه قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها دون حاجة للولايات المتحدة لو هي انسحبت ..إلا أن أمريكا تخشى أن تجرها إسرائيل لمواجهات كبرى وحروب لا تريدها الولايات المتحدة….وموضوع إسرائيل هذا حساس لأمريكا وساستها داخليا قبل أن يكون خارجيا.
وهذا أيضا جزء من المشكلة الأساسية في الرغبة بعقد اتفاق ضعيف مع ايران والإسراع بالهرب أو الخروج من المنطقة.
من الضروري تقوية المنطقة سواء بتحالف فعال تقوده دول الخليج تحالف جديد وديناميكي....ميسا كانت فكرة جيدة أو تحالف شبيه بتحالف العيون الخمس واتفاقياتها على مستوى المنطقة.
اما انسحاب امريكي بدون ترتيبات محكمة فستؤدي الى اتفاق أمريكي فاشل …..…لو أرادت إدراة بايدن اتفاقا نوويا مستداما وقادرا على البقاء، على الأقل كما تدعي، فهذا غير ممكن بدون خليج عربي قوي ومتفوق عسكريا، هذا من مصلحتها قبل أي أحد آخر….حتى لا يتكرر فشل اتفاق اوباما الأساسي….
ونحن رأينا ونرى بوادر للانسحاب الأمريكي فتركيا وروسيا وإيران يتحركان ضد مصالح واشنطن، وبسبب الدور الأمريكي الضعيف في سوريا نرى موسكو ممسكة بالملف السوري....ونشاهد روسيا تقترب بشكل غير مسبوق من كافة دول المنطقة وعلى رأسها دول الخليج...وتركيا بدأت تنتقل إلى معسكر الضد لواشنطون.
بالنسبة للدور السعودي
بعد الحرب العالمية الثانية، ورثت الولايات المتحدة دور بريطانيا وفرنسا وإيطاليا مجتمعين في الشرق الأوسط. وكانت المملكة هي الحليف الرئيسي والأهم لأمريكا، والذي لا مكافئ لها في كل المنطقة وفي قضايا محورية وعالمية مهمة منها النفط ومحاربة الاتحاد السوفيتي.
سياسات أمريكية غير مرضية للمملكة بأي شكل ستسبب بإضعاف علاقة الولايات المتحدة بالمملكة وسيصعب عليها، أي أمريكا، أن تعيد العلاقة مع السعودية كما كانت، خاصة اذا عمقت المملكة ودول الخليج علاقاتها مع خليط من قوى عالمية أخرى وهذا ممكن وإن كان صعبا الان لكن قطعا سيسهل لاحقا لأسباب عدة.
والان نرى انخفاض الواردات من الولايات المتحدة وحلت الصين محلها بصفتها المستورد والمصدر الرئيسي في المنطقة.
بالتأكيد لم نعد في عصر الإمبراطوريات التقليدية والصراعات بين القوى العظمى ستأخذ أطوارا وأشكالا مختلفة قد لا يكون من بينها المواجهة العسكرية، مثل الحروب التجارية وغيرها.
وستكون هناك تغيرات مليئة بالغموض، وعدم الثقة والمخاطر الضرورية والتي تستلزم سياسة استباقية حاذقة من دول الخليج وهي قادرة عليها،،،،،أتحدث هنا عن صعود الصين والتعامل الأمثل مع هذا الصعود المرتقب من قبل مختلف دول العالم ومن ضمنها وربما على رأسها دول الخليج العربي والمملكة بكل تأكيد.
• • •
Missing some Tweet in this thread? You can try to
force a refresh
كتب غريغوري غوز وهو أستاذ الشؤون الدولية في كلية بوش بجامعة تكساس، مقالا مهما تناول فيه العلاقات #السعودية الأمريكية، المقال يستمد أهميته من عنصرين من محتواه وكذلك شخص كاتبه، تختلف تتفق معه، كونه خبيرا حقيقيا في الموضوع لا(مزيفا). أشير لنقاط مهمة من مقاله. foreignaffairs.com/united-states/…
يشير الكاتب أنه يتعين على واشنطن أن تجتمع مع الرياض في كثير من الأحيان، لإقناع #السعودية برؤية الأمور على طريقتها. لكن عندما نأتي للواقع بلينكين زار المملكة مرة واحدة فقط ولم ينعقد الحوار الاستراتيجي السعودي الأمريكي منذ عامين. والسعوديون يلاحظون هذه الإشارات بدقة ولا يتجاهلونها.
رغم ذلك، لا تزال عناصر التعاون المستمر بين الولايات المتحدة والسعودية قائمة. لكن يتعين على البلدين أن ينحيا جانبًا أحلامهما غير الواقعية في تغيير أو التأثير على السياسات الداخلية للطرف الآخر. يجب أن يتعلم كلا الجانبين كيفية التعامل مع الجانب الآخر كما هو- وليس كما يرغبان أن يكون.
كنت في زيارة ليست بالقصيرة ل روسيا. شاركت في أكثر من مؤتمر وزرت أكثر من مدينة وألقيت عدة محاضرات في مؤتمرات مهمة أولها ما عقده مركز يفغيني بريماكوف بالتعاون مع معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية بدعم من صندوق المنح الرئاسية،بمشاركة من أبرز الخبراء روس والأجانب.
وقد مثل الجانب الروسي، بالإضافة للمراكز المذكورة خبراء من مجلس الشؤون الدولية الروسي وجامعة MGIMO و IMEMO و HSE وجامعة ولاية بياتيغورسك. تم مناقشة العلاقات بين دول الشرق الأوسط وروسيا في ظل النظام العالمي المتغير. بالإضافة إلى مسائل التعاون الثنائي بين روسيا ودول الخليج العربي.
كما افتتحت مع زميلي د.فاسيلي كوزنتسوف،مدير مركز الدراسات العربية في معهد الدراسات الشرقية جلسة الشباب لمنتدى الخبراء الدولي، وتحدثنا خلال الجلسة حول "آفاق نظام أمني جديد في الخليج"، عرض كل منا ورقته.فاسيلي عن المفهوم الروسي للأمن الجماعي في الخليج، وأنا عن موازين القوى في الخليج.
بعض تغريدات عن #لقاء_ولي_العهد أحاول الابتعاد فيها عن تحليلات (الماليين) والمقالات الصحفية. وأرد فيها أيضا حسب ما تتيح المساحة والوقت على من يدعي أن #رؤية_السعودية_2030 بتوجهاتها والتزاماتها وأهدافها لا تسير بالاتجاه الصحيح.
البعض يبدو أنه نسي الآلية القديمة التي أنتجت طبقة واسعة من الطفيليات على المال العام والفساد المالي وفوضى مساهمات الأراضي وانهيار أسهم 2006 وما تبعه من انتكاسات متتالية في سوق الأسهم.
أو نسي الوزير الذي قال في ٢٠٠٥ إن لم تخني الذاكرة أنه سيقضي على البطالة تماما في غضون ٥ سنوات أو لم يكن يشاهد “كارتلات” بأشكال مختلفة لاتقدم شيئا للاقتصاد الوطني وتستفيد من الدعم بلا مقابل وإهلاك الموارد النفطية والبيئية في ظل ضعف بنيوي في التشريعات والرقابة.
على ضوء التطورات المتلاحقة في العلاقات الخليجية، على الأخص السعودية، الصينية يكثر التناول الإعلامي والحديث المكثف والمبسط، وتكثر أيضا الاختلافات نحو النظرة للصين وعلاقتها مع المنطقة،
بعضهم ربما لام المملكة أو شقيقاتها الخليجيات على (التأخر) في ترقية العلاقات مع الصين، وهناك من يقلل من جدوى هذه العلاقات وتطويرها، والاخر يميل للمبالغة في تقدير تأثير الصين وأنها ستتولى بعض المسؤوليات التاريخية للهيمنة في الخليج بسبب أهمية مصالحها في المنطقة وهذا بغالبه غير دقيق.
هنالك عدة اعتبارات ينبغي مراعاتها عند الحديث عن هذه المسألة المعقدة. فالنقاش يأخذ عدة طرق، فكما يقال هل ينبغي النظر والتفكير بعلاقة الصين بالخليج العربي كما يفكر علماء السياسة أم النظر إليها بطريقة علماء الاقتصاد، هذا هو بيت القصيد في الخلاف المشاهد الان تجاه هذا الموضوع.
طلبت مني صحيفة الشرق الأوسط الكتابة ضمن نخبة من الكتاب العرب والخبراء العالميين في ملف خاص. هذه قراءتي ووجهة نظري المتواضعة عن جردة العام الاستراتيجية ذات العلاقة بالمملكة في الألف كلمة المتاحة.
هذه التعقيدات والتحديات المختلفة تأتي أيضاً مع انتخاب جوزيف بايدن رئيساً للولايات المتحدة، وهو الذي يعد بنهج مختلف تجاه المنطقة. فما مدى تأثر السياسة السعودية بهذه العوامل؟ وكيف تدوزن الرياض تحوطها وسياساتها أمام تحديات المنطقة ومتغيراتها؟
وتوسيع وتعميق العلاقات أفقياً ورأسياً مع الدول المتوافقة مع نظرة السعودية لشكل وترتيبات المنطقة الأمنية-ليس دول الخليج وحسب، بل دول إقليمية أخرى- والسعي إلى بنية أمنية موحدة، مع تنسيق وثقة متبادلة بين دول هذا المحور الذي تكون فيه الرياض عضواً أساسياً ورافعاً للخلاف بين المختلفين.