على ضوء التطورات المتلاحقة في العلاقات الخليجية، على الأخص السعودية، الصينية يكثر التناول الإعلامي والحديث المكثف والمبسط، وتكثر أيضا الاختلافات نحو النظرة للصين وعلاقتها مع المنطقة،
بعضهم ربما لام المملكة أو شقيقاتها الخليجيات على (التأخر) في ترقية العلاقات مع الصين، وهناك من يقلل من جدوى هذه العلاقات وتطويرها، والاخر يميل للمبالغة في تقدير تأثير الصين وأنها ستتولى بعض المسؤوليات التاريخية للهيمنة في الخليج بسبب أهمية مصالحها في المنطقة وهذا بغالبه غير دقيق.
هنالك عدة اعتبارات ينبغي مراعاتها عند الحديث عن هذه المسألة المعقدة. فالنقاش يأخذ عدة طرق، فكما يقال هل ينبغي النظر والتفكير بعلاقة الصين بالخليج العربي كما يفكر علماء السياسة أم النظر إليها بطريقة علماء الاقتصاد، هذا هو بيت القصيد في الخلاف المشاهد الان تجاه هذا الموضوع.
الصينيون، حتى هذه اللحظة، يفكرون بشكل اقتصادي ويفضلون الركوب المجاني على التدخل في مشاكل المنطقة لو نظروا للمنطقة كعلماء سياسة مثلا، لربما سيقولون كان علينا التدخل أكثر لحماية مصادر الطاقة لكن، حتى الان، هم لا ينظرون لها بهذه الطريقة وهذا قد يتغير وبأسرع مما يتوقع.
منذ نهاية حقبة ماو، كانت الاستراتيجية الصينية، بعيدة إلى حد كبير عن الترويج لأهداف بكين السياسية. كما أن التقلبات الجيوسياسية والأزمات الأمنية المستمرة في المنطقة تجعل من الابتعاد عن الخوض في هذا المضمار أمرا مريحا، خاصة بالصعوبات التي تواجه القوى المنخرطة سياسيا وعسكريا بالمنطقة
وليس سرا، أن الصين نفسها كانت راكبا بلا كلفة على المظلة الأمنية الأمريكية في الخليج، مما ممكنها من توفير كميات كبيرة من الأموال والدماء الصينية، وهذا سهل لها، أعني الصين، علاقات دبلوماسية تتسم بالودية والعلاقات الاقتصادية المربحة مع (جميع دول المنطقة) دون مسؤولية ولا التزام.
كما أن الصين تستفيد من (الهيمنة الأمريكية) وتستغل أيضا حماقات الولايات المتحدة الأمريكية المتعددة. فالصين، وليس أمريكا، هي من فاز بنهاية المطاف من غزو العراق وتمكنت من أن تكون الشريك التجاري الأكبر للعراق دون إطلاق رصاصة واحدة، أمر مشابه حدث في أفغانستان، وبالمثل في الخليج.
وبالنسبة للصين، لعب دورًا أكثر وضوحًا في البيئة الأمنية الخليجية كان أمرا صعبا، بسبب ضعف القدرات العسكرية الصينية من جهة وغياب الإرادة السياسية من جهة أخرى، بالرغم مما يعقد من اتفاقيات، صاخبة، متعددة مع دول المنطقة (كلها).
لكن لن يكون غريبا على الإطلاق أنه مع الرغبة الأمريكية في الانسحاب من عدة مناطق حيوية في العالم وبعض السياسات الأمريكية(غير الودية مع دول مهمة في الإقليم) أن تهب الصين، وغير الصين، لمحاولة ملء الفراغ الأمريكي، إلا أن هذا لن يكون على المدى القصير، خاصة في المجالين الأمني والعسكري.
وإن كنا رأينا بوادر لذلك ففي الجانب العسكري هناك تعاون عسكرى سابق بين المملكة والصين وصل إلى مستويات جيدة، فالبحرية الصينية مرحب بها فى خليج عدن، من حيث إتاحة استخدام الموانئ فى المملكة فضلا عن الدعم اللوجيستى الواضح من السعودية للبحرية الصينية المتواجدة على طول الساحل الأفريقى.
وبالنظر للوضع الراهن، للصين قدرات في المنطقة تتعدى قدراتها الاقتصادية فلديها قاعدة عسكري مهمة في جيبوتي. تقع هذه القاعدة عند أهم الممرات الاستراتيجية، في نطاق مضيق باب المندب عند مصب البحر الأحمر، وهذه قاعدة حيوية يمتد تأثيرها إلى قناة السويس ومضيق هرمز.
لكن الصين لا تملك القدرة البحرية في المياه العميقة، لذلك ليس من المتخيل أنها ستحل محل أمريكا.على الأقل في الوقت الراهن، كما أن(الطريقة) الصينية لتأمين الممرات البحرية ستكون مختلفة جوهريًا.وذات طبيعة تجارية مما سيكون ربما أقل فائدة للمملكة، لذلك لم يكن هناك عجلة سعودية أن يحدث هذا
وكانت الصين سابقا مجرد شريك مستقر متمم للعلاقات بين المملكة والولايات المتحدة، ولم يكن هناك نظرة أن العلاقات معها ممكن أن تتحول لبعد آخر غير البعد التجاري والاقتصادي. وهذه النظرة، المنطقية بظني، مبنية على أنه مع مرور الوقت ستنخفض أهمية الخليج ككل بانخفاض أهمية نفطه لصعود الصين.
وكانت الثقة بالولايات المتحدة أكبر لذلك كان منطقيا من جهة الخليج أن لا تتم ترجمة الانسحاب امريكي المستمر من المنطقة الى وجود صيني أكبر بخلاف بعض المشاريع الاقتصادية المحدودة في إطارها، حتى الان. لكن هذا كله مرشح للتغير وفي وقت قصير.
فبالرغم أن علاقة المملكة مع الصين تخدم المملكة بالمقام الأول في التكيف مع السياسة الأمريكية الأقل قابلية للتنبؤ. وبرغم أن حاجة الصين إلى نفط الخليج، وليس الخليج، ستتقلص، بعكس الفهم السائد وربما أبين هذا--وبالأرقام--لاحقا لأن العكس يتكرر دائما في أي نقاش حول الصين ومن قبل مختصين،
وعمر هذه المصالح الاقتصادية محدود، ومرتبط بالاتجاهات الديموغرافية الصينية، ضمن عدة أسباب أخرى، والتي تشير إلى انخفاض الطلب على الهيدروكربونات، ربما ليس الان، لكن في العقدين أو الثلاثة عقود المقبلة لذلك اتخاذ موقف من أزمات المنطقة لم يكن يعني الصين وكانت تتهرب منه.
أقول رغم هذا كله، فإنه على المدى المنظور تزداد الاحتمالات يوما بعد يوم بتغير الدور الصيني إلى دور أكثر مبادرة واتساقا مع طموحات الصين وأدوارها المحورية في بحر الصين الجنوبي إلى الهند وعبر آسيا الوسطى إلى أوروبا والخليج.
لذلك من المتوقع أن تتصاعد المشاركة الدولية للصين وأن تكون أقوى وأكثر وضوحا من ذي قبل في نهجها واستراتيجيتها وأهدافها، كونها حاسمة وضرورية، الان، لنمو اقتصادها وحمايته لكن هذا سيعتمد أيضا على مدى تقبل دول الخليج، المملكة بالخصوص، وترحيبها بهذا الدور.
خاصة إذا علمنا أن الصين الآن هي أكبر مستورد للنفط في العالم، و٤٠ بالمائة، تقريبا، من هذا النفط يمر عبر مضيق هرمز فقط! لذلك للصين مصلحة لا تخطئها عين في الحرص على أن إمدادات النفط سواء الذاهبة لها أو حتى الذاهبة لدول أخرى تهمها آمنة، وهذا لن يكون في حال عدم استقرار الخليج بأي شكل.
كما أن مستقبل العلاقات الصينية الإيرانية ليس مشرقا كما تدعي إيران، حيث أن كثير من الوعود الإيرانية(الصاخبة والمحدثة للضجيج) للصين لم تتحقق مما أفقد الصين الثقة بقدرة إيران على الوفاء بتعهداتها، وهذا لا ينطبق على السعودية والتي لا ينافسها دولة في محيطها من ناحية موثوقية ما تعد به
الان، علينا أن نتوقع أن الولايات المتحدة ستزيد من ضغطها على دول المنطقة كلها بلا استثناء، خاصة دول الخليج، برسم خطوط حمراء في تعاملات هذه الدول مع الصين لكن ستتعمد الولايات المتحدة أن تكون هذه الخطوط غير واضحة..لكن الأهم من السلوك الأمريكي، هو ما ستفعله هذه الدول من خطوات عملية.
عليها أن تستثمر أكثر بتنويع تحالفاتها وأن تلغي الغرب كقناة للاستثمار في الشرق وهو ما يلوح في المستقبل المنظور، خاصة من جهة السعودية، وهو هدف منطقي ومشروع ومختلف عن الطرح المندفع والذي يريد علاقات غير محسوبة مع الصين، وهذا هدف عملي ممكن بالمحاذاة مع الترتيبات الخليجية الأمريكية.
وبما أن الصراع الصيني الأمريكي مستمر معنا ربما لعقود قادمة وهذه حقيقة بنيوية ولا بد من التعايش والتكيف معها ومحاولة الموازنة بين القوتين العظميين بما يتناسب مع مصالح المملكة والخليج، هذا هو المحدد الأساس، وبدون رفع سقف توقعاتنا (أو عشمنا وشرهتنا) تجاه الصين.
والأهم من ذلك كله مقاومة الضغط المتوقع غالبا من الأمريكيين لتخفيف مستوى العلاقات مع الصين (واستغلال) هذه الخشية الأمريكية لأقصى مدى فالمملكة دولة مهمة ومرجحة يحرص الجميع أن تكون في صفه وما الدور السعودي في الحرب الباردة وضد الاتحاد السوفييتي، بعظمته وأبهته، عنا ببعيد.
كتب غريغوري غوز وهو أستاذ الشؤون الدولية في كلية بوش بجامعة تكساس، مقالا مهما تناول فيه العلاقات #السعودية الأمريكية، المقال يستمد أهميته من عنصرين من محتواه وكذلك شخص كاتبه، تختلف تتفق معه، كونه خبيرا حقيقيا في الموضوع لا(مزيفا). أشير لنقاط مهمة من مقاله. foreignaffairs.com/united-states/…
يشير الكاتب أنه يتعين على واشنطن أن تجتمع مع الرياض في كثير من الأحيان، لإقناع #السعودية برؤية الأمور على طريقتها. لكن عندما نأتي للواقع بلينكين زار المملكة مرة واحدة فقط ولم ينعقد الحوار الاستراتيجي السعودي الأمريكي منذ عامين. والسعوديون يلاحظون هذه الإشارات بدقة ولا يتجاهلونها.
رغم ذلك، لا تزال عناصر التعاون المستمر بين الولايات المتحدة والسعودية قائمة. لكن يتعين على البلدين أن ينحيا جانبًا أحلامهما غير الواقعية في تغيير أو التأثير على السياسات الداخلية للطرف الآخر. يجب أن يتعلم كلا الجانبين كيفية التعامل مع الجانب الآخر كما هو- وليس كما يرغبان أن يكون.
كنت في زيارة ليست بالقصيرة ل روسيا. شاركت في أكثر من مؤتمر وزرت أكثر من مدينة وألقيت عدة محاضرات في مؤتمرات مهمة أولها ما عقده مركز يفغيني بريماكوف بالتعاون مع معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية بدعم من صندوق المنح الرئاسية،بمشاركة من أبرز الخبراء روس والأجانب.
وقد مثل الجانب الروسي، بالإضافة للمراكز المذكورة خبراء من مجلس الشؤون الدولية الروسي وجامعة MGIMO و IMEMO و HSE وجامعة ولاية بياتيغورسك. تم مناقشة العلاقات بين دول الشرق الأوسط وروسيا في ظل النظام العالمي المتغير. بالإضافة إلى مسائل التعاون الثنائي بين روسيا ودول الخليج العربي.
كما افتتحت مع زميلي د.فاسيلي كوزنتسوف،مدير مركز الدراسات العربية في معهد الدراسات الشرقية جلسة الشباب لمنتدى الخبراء الدولي، وتحدثنا خلال الجلسة حول "آفاق نظام أمني جديد في الخليج"، عرض كل منا ورقته.فاسيلي عن المفهوم الروسي للأمن الجماعي في الخليج، وأنا عن موازين القوى في الخليج.
بعض تغريدات عن #لقاء_ولي_العهد أحاول الابتعاد فيها عن تحليلات (الماليين) والمقالات الصحفية. وأرد فيها أيضا حسب ما تتيح المساحة والوقت على من يدعي أن #رؤية_السعودية_2030 بتوجهاتها والتزاماتها وأهدافها لا تسير بالاتجاه الصحيح.
البعض يبدو أنه نسي الآلية القديمة التي أنتجت طبقة واسعة من الطفيليات على المال العام والفساد المالي وفوضى مساهمات الأراضي وانهيار أسهم 2006 وما تبعه من انتكاسات متتالية في سوق الأسهم.
أو نسي الوزير الذي قال في ٢٠٠٥ إن لم تخني الذاكرة أنه سيقضي على البطالة تماما في غضون ٥ سنوات أو لم يكن يشاهد “كارتلات” بأشكال مختلفة لاتقدم شيئا للاقتصاد الوطني وتستفيد من الدعم بلا مقابل وإهلاك الموارد النفطية والبيئية في ظل ضعف بنيوي في التشريعات والرقابة.
#سلسلة عن الانسحاب الأمريكي من الشرق الاوسط وسياسات الفريق الحالي في البيت الأبيض وما يترتب عليه من تبعات على دول المنطقة وعلى سرعة العودة لاتفاق ضعيف وغير محكم مع إيران.
بعض الطرح المتكرر والذي يصور أن دول الخليج أو المملكة تستجدي الوجود، وليس التواجد، الأمريكي، حتى لو كان بشكل غير متعمد وغير مباشر أو بنية حسنة، أو أنها هي الطرف الذي يحتاج لهذا الوجود أكثر من حاجة الأمريكيين له، هو مضلل، حتى لو صدر من صديق.
مقدمة ضرورية وعدة حقائق أساسية حول المنطقة ووجود أمريكا فيها:
لا شك أن أهمية الشرق الأوسط والخليج قد تراجعت ولأسباب كثيرة في الميزان الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية وهذا التراجع ليس جديداً وليست مفاجأة خطيرة اكتشفها بعض المحللين مؤخرا بقدراته الخارقة كما سمعت من أحدهم.
طلبت مني صحيفة الشرق الأوسط الكتابة ضمن نخبة من الكتاب العرب والخبراء العالميين في ملف خاص. هذه قراءتي ووجهة نظري المتواضعة عن جردة العام الاستراتيجية ذات العلاقة بالمملكة في الألف كلمة المتاحة.
هذه التعقيدات والتحديات المختلفة تأتي أيضاً مع انتخاب جوزيف بايدن رئيساً للولايات المتحدة، وهو الذي يعد بنهج مختلف تجاه المنطقة. فما مدى تأثر السياسة السعودية بهذه العوامل؟ وكيف تدوزن الرياض تحوطها وسياساتها أمام تحديات المنطقة ومتغيراتها؟
وتوسيع وتعميق العلاقات أفقياً ورأسياً مع الدول المتوافقة مع نظرة السعودية لشكل وترتيبات المنطقة الأمنية-ليس دول الخليج وحسب، بل دول إقليمية أخرى- والسعي إلى بنية أمنية موحدة، مع تنسيق وثقة متبادلة بين دول هذا المحور الذي تكون فيه الرياض عضواً أساسياً ورافعاً للخلاف بين المختلفين.