فوائد في دراسة كتب #مصطلح_الحديث، ومراحلها، وغايتها، مع تعقيبات:
١- غالب كتب مصطلح الحديث، من بعد ابن الصلاح، تجري على نسق واحد، ومنهج متقارب، يقلد المتأخِرُ المتقدم، واللاحقُ السابق، من غير جِدة ولا تحرير ولا إضافة؛ مما أحدث حالة ركود وتكرار وسط طلاب علم الحديث. #فوائد_حديثية
٢- من أتقن أمهات كتب المصطلح أغناه عن غيرها، ولا يسرف ويضيع العمر في جرد كتب المصطلح، والمقترح أن تُدرس هذه الأمهات عبر مرحلتين:
المرحلة الأولى: نزهة النظر مع شرح اللاحم حصرا، ثم موقظة الذهبي مع شرح شيخنا السعد، ولو أضاف شرح العوني فحسن، ثم مقدمة ابن الصلاح أو أحد مختصراتها =
المحررة، وأفضلها الاقتراح لابن دقيق العيد.
المرحلة الثانية: نكت ابن حجر، ثم شرح العلل لابن رجب، ثم يختم بالكفاية للخطيب.
وإن توسع قليلًا؛ فقرأ: علوم الحديث للحاكم ورتّبه وهذّبه؛ فجيد، وإن اقتصر على كتابٍ واحد؛ ففتح المغيث للسخاوي، وإن استصعبه؛ فالمحرر للجديع.
٣- كتب المصطلح هي مصادر مساعدة لفهم المنهج النقدي للأئمة النقاد الأوائل، وضبط مصلحاتهم النقدية، وتحديد معانيها، وليست مراجع أصيلة في الصنعة الحديثية، والوعي بذلك ينشأ حالة توازن عند طالب علم الحديث بين جهود المتقدمين والمتأخرين، ومعرفة منزلة كل منهما ودوره في النهوض بهذا العلم=
والثمرة العملية من هذا التفريق: محاكمة كتب المتأخرين ونصوصهم ومصطلحاتهم إلى أقوال وتطبيقات الأئمة النقاد بوصفها المرجع الأصيل والمؤسس لهذا العلم.
٤- كتب المصطلح مفتاح فهم علم الحديث، والمدخل إلى منهج الأئمة النقاد وفهم مصطلحاتهم النقدية وتطبيقاتهم العملية =
وليست هي الغاية في علوم الحديث ولا تصنع محدثا، ومن أتقن كتب المصطلح كلها من غير ممارسة الصنعة، وجرد مصنفات السنة، ومعرفة مناهج المحدثين، والاشتغال العملي بالتخريج ودراسة الأسانيد، ومعرفة قواعد الجرح والتعديل، ومقارنة المرويات؛ فهو عابر سبيل في هذا العلم وليس من أهل الإتقان.
٥- كتب المصطلح تذكر من معاني المصطلحات النقدية للأئمة النقاد ما هو الأغلب استعمالًا في تطبيقاتهم، ولا تقصد الحصر، لا في الألفاظ ولا في المعاني، وإن كانت تعريفاتهم التي نحت منحى الصناعة المنطقية في تعريف الحدود توحي بذلك.
إذا فهمت ذلك؛ فلا داعي لافتعال حربٍ بين المتقدمين والمتأخرين، والتفتيش عن معان نقدية لمصطلحات الأئمة النقاد غير المعاني التي عرّفها به علماء المصطلح.
انتهى.
• • •
Missing some Tweet in this thread? You can try to
force a refresh
من أشهر الأخطاء الشائعة عند من يرد تعليلات الأئمة النقاد الأوائل للأحاديث؛ بتعلة ظهور بعض الطرق والروايات التي خفيت عليهم، ووقف عليها المتأخرون والمعاصرون بزعمهم = أن هؤلاء الخلَف قد توفر لهم من جمع الطرق والروايات ما لم يتوفر للأئمة الأوائل! #فوائد_حديثية
ثم بنوا عليه: تصحيح ما أعلّه الأئمة المتقدمون، وتقوية ما ضعفوه، وقبول ما تركوه!
قلت -سعد-: الطرق والروايات التي كان يحفظها أحمد وابن معين وابن المديني والبخاري وطبقتهم.
ومن قبلهم: يحيى بن سعيد وابن مهدي ووكيع وطبقتهم.
ومن قبلهم: شعبة والثوري ومالك وابن عيينة وطبقتهم =
لم يقف المعاصرون مع حواسيبهم وشاملاتهم وبرامجهم على عُشرها؛ وذلك أنهم كانوا حفاظًا متقنين أولًا، ولاطلاعهم على أصول كتب الرواة التي لم تتوفر للمتأخرين ثانيًا.
إلزامات الدارقطني للشيخين أدق وأعمق من إلزامات تلميذه الحاكم في المستدرك بما لا مقارنة بينهما، وإن كانت فكرة الإلزامات نفسها لا تلزم الشيخين؛ لأنهما لم يقصدا الاستيعاب، بل قصدا خلافه وهو الاختصار. #فوائد_حديثية
ومقوّم فكرة الإلزامات معرفة شرط الشيخين في أمرين:
١- في الرواة الذين اختاروا الرواية عنهم دون سائر الرواة.
٢- وفي المتون التي انتخبوها من بين آلاف المتون.
وما لم نخبر شرطهما في هذين الأمرين؛ فلا تقوم لفكرة الإلزامات قائمة؛ لذلك كان تحقيق شرطهما عسرًا جدًا ومزلّة أقدام.
فمثلًا لتحقيق شرطهما في الرجال يجب:
١- تحديد الرواة الذين احتجوا بهم في الأصول.
٢- تحديد الرواة الذين احتجوا بهم في غير الأحكام والحلال والحرام مما يتسامح فيه النقاد عادة.
٣- تمييز الرواة الذين أكثروا في الرواية عنهم.
٤- تمييز أصحاب الرواة المكثرين ومعرفة طبقاتهم عند الشيخين.