#ثريد. عن فائدة وجود عدو ، في هذا الثريد المطول نغوص في اعماق البشر المظلمة و حاجتها الماسة لوجود عدو لدود
يقول هوبز في كتابه الخطير ( اللفياثان ) : تشكل الحرب النظام الطبيعي للبشر و ان الناس تتصرف بصورة عنيفة و ان التنظيم المشترك و حده يكبحهم فالانسان اجتماعيا قسرا و العدو بالنسبة اليه اذا هو ( معطى طبيعي ) اي حسب تعبير ( الانسان ذئب لأخيه الانسان )
و ان الحالة البدائية هي حالة ( حرب الجميع ضد الجميع ) في هذه الحالة تقود غريزة البقاء الانسان فحسب ، قال فريدريك نيتشة : ان من يحيا على محاربة عدوه من مصلحته ان يدعه يعيش
العدو هو الاخر الشر ، التهديد و لا يمكن فصله عن الحياة كما المرض ، يقدم العدو خدمات كثيرة و يعمل مهدئا خصوصا عبر المسؤولية التي يمثلها ( الحقيقة و اغلبها متخيله ) في قلقنا الجماعي
يمكن لصناعة العدو ان ترسخ الاواصر الجمعية ( العائلية او الحزبية او القومية او الدينية ) في قلقنا الجماعي ، ويمكنها ان تكون مخرجا بالنسبة الى سلطة تواجه مصاعب على الصعيد الداخلي .
يقول الكاتب الفرنسي و الرسام هنري ميشو : بطريقة واضحة وضوح الشمس ان تحديد الاعداء و الاصدقاء و التحقق منهم يشكل الية ضرورية قبل شن الحرب ، و عند انتهاء النزاع يحتسب المتنازعون الحصيلة السلبية ذاتها
لقد كانت الحرب أسوأ الحلول لكن الناس خضعوا لها مرة تلوا المرة . ذلك ان الحرب هي قبل كل شيء ترخيص ممنوح شرعا لقتل اناس لا نعرفهم ( او احيانا نعرفهم حق المعرفة على غرار الحروب الاهلية )
لكنهم يتحولون فجأة الى طرائد يجب تعقبها و القضاء عليها . ان الحرب هي اللحظة ( غير الطبيعية ) اذ يمكن معاقبة من يرفض قتل العدو بالموت لذا يتعين علينا القيام بذلك عن طيب خاطر و الاقتناع بما نفعل .
يحلل رينيه جيرار في كتابه العنف و المقدس : ان دور الاضحية ( العدو ) في اوضاع الازمات ليحرف اتجاه العنف الجماعي نحو شخص او حيوان و هكذا تحافظ الاضحية على وحدة الجماعة حيث تصبح الضحية كبش الفداء
و تختار هذه الضحية غالبا بطريقة لا يمكن ان تشكل خطر الانتقام ضمن فئة ( اليتيم ، العجوز ، الارملة ، الاسير ، الاسود ، الاقلية من العرق او الدين او الفصيل ، الغبي ، الدجال ، المثقف )
تتماهى كل جماعة عبر اشارات رمزية للانتماء ( البزة العسكرية ، خطاب الحماسة ، التمايز ، اشارات التعارف ، الرموز ، طقوس تلقين الاسرار ، طريقة تسريح الشعر ، الملابس المميزة لهذه الفئة )
يبرر العنف ضد العدو اذ انه يعيد بناء وحدة الجماعة او الهوية القومية و تصبح الجماعة المعادية هي الكيان المعد ليضحى به و يمكن لصناعة العدو ان توطد الاواصر ضمن الجماعة ، مثلا يحتاج الساسة اليونان الى العدو التركي و باكستان العدو الهندي
يقول دوركهايم :حين يعاني المجتمع يشعر بالحاجة لان يجد احدا يمكنه ان يعزو اليه المه و يستطيع ان ينتقم لخيبات امله .ان فكره القلق الجماعي تغزوا العقلية البشرية الخوف من الكرونا الخوف من انتشار الاسلحة النووية الخوف من الارهاب و غيرها من المخاوف التي تكون احيانا مبرره و احيانا لا
التمييز هو اولا شفوي اذ تحتوي اللغات كلها على عبارات هدفها الحط من قدر الاخر ، فالبرابرة هم الذين لا يتكلمون اللغة الاغريقية و يعبرون باصوات غير مفهومة ( تبدو لليونان هكذا بر بر بر ) .يجب على الاخر ان يقصى من المفردات فهو ( ثوري ، ارهابي ، تكفيري ،متطرف ، علماني ، بربري ،همجي )
ثم يكون التمييز ثقافيا مثل النظريات العنصرية الاوروبية المختلفة و مبادىء التفوق العرقي الياباني ( مبادئ الامة ) التي استغلتها احس استغلال اثناء احتلالها للصين و الذي قدم الاسويين الاخرين كمنحطين و ضعفاء . عندنا داعش استخدمت الشريعة الاسلامية كعذر لمصادرة الممتلكات و قتل الكفرة .
الخلاصة : ان الطبيعة البشرية تحتاج الى وجود عدو مهما كانت مسمياته يكون حافزا مذهلا لهذا التقدم او سببا لحربا مدمرة . فتجد من يدافع عن الحق ( حسب مفهوم الشخص عن الحق) و يعتبر كل من ضد هذا المفهوم ظالما ( عدو ) ويكون حافزا لتغيير هذا الظلم من الطرق السلمية للطرق الاكثر تطرفا
العلماء اعتبروا الامراض اعداء و بذلوا كل ما بوسعهم لمحاربتها و حتى الان هذه الحرب مستمرة و النتيجة ان الوضع الصحي افضل في العالم ، حتى من ينجح في اي مجال دائما ما يحدد عدو ضده و يحاول القضاء عليه مثل الفقر او الجهل او التخلف او حتى شخص ما
يقول تشرتشل : من لا يوجد عدو له لا رأي له . فاصحاب القضايا المهمة في البشرية دائما تعرضوا للاعداء و الهجوم و ساهم ذلك بتشبثهم اكثر بافكارهم و زادهم تصميما ، اما من لا يملك عدو يعني انه لا رأي له بل يخضع لرأي المجتمع ( يمشي بجانب الحيط )
لا تخاف ان تقول رأيك و ان تدافع عن ما تعتقده او تؤمن به خوفا من حصولك على عدو ينتقدك و يهاجمك بل ان تعتبر ذلك ( تفاعلا بشريا ) و يخدم الانسانية التي تطورت عن طريق الصرعات ( الفكرية ، الحربية ، الادبية ، التقنية ) فوجود العدو ضرورة تاريخية للانسان
و الان كيف لمن ولد على هذه الارض و كان العدو جاهزا امامك كيف تغفل عنه و لماذا تبحث عن اعداء اخرين ، وجود مثل هذا العدو فرصة لا تعوض لتحسين الافكار و العزيمة و الشرف و الاخلاق في نفوسنا و اشفق على من لا يعرف قيمة العدو. انتهى ✅
• • •
Missing some Tweet in this thread? You can try to
force a refresh
#ثريد. احيانا تشاهد على التلفاز او في الشارع( طوشة) اشخاص مندفعين يهاجمون اي شيء امامهم يكسرون و يحطمون ثم بعد ذلك فجأة تهدأ الامور و يعم السكون كأن شيئا لم يكن انهم الغوغائية . 👇🏻
عرفهم الامام علي كرم الله وجهه : هم الذين اذا اجتمعوا اضروا و اذا تفرقوا نفعوا فقيل لقد عرفنا مضرة اجتماعهم فما منفعة افتراقهم ؟؟ فقال : يرجع اصحاب المهن الى مهنهم فينتفع الناس بهم كرجوع البناء الى بنائه و النساج الى منسجة و الخباز الى مخبزه
افضل من قدم الغوغائية هو شكسبير خاصة في مسرحيته (يوليوس قيصر ) عندما قتل قيصر من المتأمرين و كان الشعب غاضب تحدث بروتس ( القاتل )معهم لينال تعاطفهم مع قضيتهم
#ثريد في كتاب حياة مشتركة لخص الفيلسوف و المفكر تزفيان تودوررف وصف مراحل تطور الطفل العقلية و العاطفية و تخص هذه المحطات اوضاعا تفاعلية بين الطفل و الابوين ⬇️
الاتصال : ( من عمر صفر الى شهرين) يتبنى الطفل الايقاعات الاساسية للنوم و اليقظة و لهضم الاغذية و طرد الغائط ، لكن التفاعل الاجتماعي لايكون غائبا ابدا اذ نراه مهيئا مسبقا لكي يميز الاصوات و الوجوه الانسانية
و انه يتعلم ان يجذب انتباه والديه اما بالبكاء او بالبسمات و هو يدخل اثناء تغذيته في تفاعل مع الشخص الذي يحمله بين ذراعيه ،الطفل لا يميز بين الاشخاص و الاشياء
#ثريد خلال عهد الارهاب في باريس جلست نساء تقوم بالخياطة يتحدثن و يتسامرن امام المقصلة و هي تهوي على رؤوس التعساء ⬇️
عهد الارهاب (١٧٩٣-١٧٩٤) يطلق على فترة مليئة بالعنف شهدتها فرنسا بعد اندلاع الثورة الفرنسية بسبب الصراع بين الفصائل السياسية المتناحرة و يقدر عدد الذين اعدموا بالمقصلة ١٦ الف شخص
الحائكات (tricoteuse) اسم يطلق على النساء المشاركات في الثورة الفرنسية وهم من الرعاع و الفقراء و اثناء الاعدامات بالمقصلة كانت النساء يجلسن امامها للخياطة و يهتفن كل ما يعدم احد المساجين
#ثريد كتاب لماذا تتحارب الامم ؟؟ ل ريتشارد نيد ليبو كتاب مهم يتحدث عن اسباب الحرب الرئيسية و بعد قراءة الكتاب ستختلف نظرتك للحرب ⬇️
يقول ريتشارد ان هناك اربع دوافع حدت بالدول الى بدء الحرب و هي الخوف ، المصلحة ، المكانة ، الانتقام وباستخدام مجموعة بيانات يدرس المؤلف توزيع الحروب عبر ثلاثة قرون و نصف القرن
يجادل على عكس الحكمة التقليدية لم تكن سوى نسبة ضئيلة من تلك الحروب مدفوعة بالامن او المصالح المادية و بدلا من ذلك فقد نجمت اغلبية الحروب بسبب السعي الى تحقيق المكانة و الانتقام اي محاولة الثأر من دول نجحت في السابق في الاستيلاء على اراضي الدولة البادئة
#ثريد نستطيع ان نقول ان امريكا بلد حرب بامتياز و اقتصادها على عكس الدول الاخرى انتعش و زاد بسبب هذه الحروب ⬇️
هناك نظرية تسمى ( نظرية النافذة المكسورة ) تقول انه مع انكسار نافذة في بيت ما فأن صاحب البيت يكون مضطرا لشراء نافذة اخرى و يعني ذلك رواجا لصناعة الزجاج و في المقابل فأن صناعة الزجاج ستعاني الركود و هو الامر نفسه الذي يحدث مع الدمار الذي تحدثه الحروب
الولايات المتحدة ينطبق عليها هذه النظرية فقد انخرطت في ٧٠ حربا بينها ١٠ صراعات كبيرة خلال ٢٤٠ عام و قد حافظ اقتصادها على معدلات نمو جيدة ، كانت وزارة الدفاع الامريكية ( بنتاجون) كانت تسمى وزارة الحرب حتى عام ١٩٤٧ قبل ان يجري تغيير اسمها
#خواطر يقول روبير كاغن في دراسة هي القوة و الضعف:بقدر ما يؤمن الامريكيون بالقوة فانهم يرون ان على هذه الاخيرة ان تكون وسيلة من اجل الدفع بمبادئ حضارة ليبرالية و نظام ليبرالي.لذا كان احدى القيم الامريكية هو احضار الليبرالية و الديمقراطية للشعوب الاخرى مع الحفاظ على الامن القومي
لكن الاشكالية الامريكية التي اسماها كاغن ( الامبريالية الليبرالية ) ان امريكا تريد نشر الليبرالية التي تولدت عن التسامح الديني و هي تبدأ من اللحظة التي تتخلى فيها عن فرض ديانتنا على الاخرين بالقوة و ان كنا على اقتناع بانها افضل ديانة من كل الديانات
تقف الفكرة الليبرالية من جانب الاقرار بالتنوع و مبدأ دعهم يعيشوا و دعهم يفعلوا . لكن عندما نذهب من اجل امننا الذاتي و نفرض نظاما نعتبره الافضل فأننا نغادر الزاوية الليبرالية و ندخل في منطق الامبريالي و هي تتناقض مع كل المثل و الاخلاق الليبرالية