للمستشار والمؤرخ طارق البشري -رحمه الله- فصل طريفٌ جدا في كتابه "دراسات في الديمقراطية المصرية" يتحدث فيه عن نجاح الإنجليز في استمرار حكمهم لمصر 70 سنة!
موضوع هذا الفصل الأول هو أن الإنجليز اتخذوا عددا من الخطوات التي توحي للجميع بأن وجودهم في مصر مؤقت، وأنهم لا بد راحلون!
وهذا التفصيل يمكن أن تراه بشكل أكثر تفصيلا في كتاب "مصر الحديثة" للورد كرومر (وهو أطول حاكم إنجليزي لمصر، أكثر من عشرين سنة)، وفي تقرير اللورد دوفرين (أول من وضع برنامج الحكم الإنجليزي في مصر)، وفي المصادر الأخرى التفصيلية لهذه الفترة مثل "مصر للمصريين" لسليم النقاش، وغيرها.
حين تغوص في هذه الفترة تشعر أن الإنجليز صادقون في الرحيل، ويبحثون بإخلاص عن طريق للخروج، ويُصَرِّحون بتكرار وإلحاح عن تمنياتهم السعيدة للشعب المصري الرائع بالرغد الدائم.
ما هذه الخطوات التي اتخذها الإنجليز:
1. التصريحات المتكررة بأن البقاء في مصر مؤقت ولمهمة محددة .. شيء يذكرك بقول #السيسي_عدو_الله (والله والله والله، ما لنا أي رغبة ولا إرادة في حكم مسر)
2. توليد المسائل والقضايا التي تجعلها إنجلترا مؤشرا على استقرار مصر وإمكانية حكم المصريين أنفسهم بأنفسهم، ففي كل مرة يطرح
الإنجليز موضوعات تستحق البحث والفحص والتمحيص، لكي نصل فيها إلى حل.. شيء يذكرك بما يفعله #السيسي من دعوات الصبر عليه سنتين وسنة وستة أشهر وعاما وعامين.. وهتشوفوا مسر جديدة :)
3. إرسال الرسائل وعقد المؤتمرات وجلسات الحوار والدخول في جولات متعددة من المفاوضات لتنظيم الجلاء عن مصر!
(سأتوقف هنا عن الإسقاط.. وعليك أن تلاحظ التشابهات بين الواقع والماضي بنفسك)
4. إبقاء الجهاز الإداري على ما هو عليه، بل تمصير الوظائف التي لم تكن مصرية.. فقط وضع الإنجليز في كل وزارة مستشار، مجرد مستشار! يا سيدي المواطن المصري المستقل.. ولكن: من يستطيع أن يخالف استشارة المستشار؟!
بل إن الإنجليز في بداية الاحتلال اعتمدوا على "العناصر المعتدلة" المشاركة في ثورة عرابي، التي جاءوا أساسا لإخمادها، فإذا برئيس حكومة الثورة العرابية، محمد شريف باشا، الدستوري القانوني المعتدل، يتولى رئاسة الحكومة بعد الاحتلال مباشرة.. وبالطبع جرى التخلص منه بعدها بسنوات قليلة
ليضعوا بدلا منه نوبار باشا، ذلك الفاسد المكروه عدو الشعب..
لكن الشاهد هنا، أن رئاسة الوزراء، والوزراء، لم يكونوا إلا من المصريين.. أولئك الناضجين المعتدلين الوسطيين الوطنيين!!.. بينما طاردت سلطة الاحتلال بالقتل والنفي والتعذيب أولئك الإرهابيين المتطرفين المتعصبيين الذين اتبعوا
عرابي فكادوا يخربون البلد، التي "كشفت ظهرها وعرت كتفها" لولا أن أنقذها الله بنا نحن الإنجليز!!
وهكذا، سيدي المواطن المعاصر، فإن الذي اعتمد عليه الإنجليز في احتلالهم البلد كانوا هم "الوطنيون المعتدلون" و"المواطنون الشرفاء".. وكل ما ارتكبه الإنجليز من إعدامات ومحاكمات وتعذيب، إنما
جرى تنفيذه عبر جهاز الحكم الوطني المصري، وبالقانون المصري، وبوكلاء النيابة المصريين، وبالقضاة المصريين، وبالعساكر المصريين، وبالشرطة المصرية!!
ومن بعد ما كان جيش الإنجليز 50 ألفا، صار ثلاثة آلاف فقط! فقد كفاهم الوطنيون المعتدلون مؤونة حرب الإرهاب ومطاردة الإرهابيين!!
يسمي طارق البشري هذه الإجراءات بـ "تخدير الضمير الوطني"، وفي تقديري أنه أخطأ هنا، وهو خطأ مفهوم منه، فإن المستشار والمؤرخ الفاضل كان رجلا وطنيا تشكل وعيه وذهنه من لحظة ثورة 1919، اللحظة التي التبست فيها العلمانية بالوطنية
ليس هذا تخديرا للضمير الوطني، بقدر ما هو خلل عظيم في العقيدة أولا ثم في التفكير ثانيا.. فمن كان يرجو خيرا من عدو الله وعدو الدين فهو فاقد للبوصلة الإيمانية!
هؤلاء الوطنيون المعتدلون الناضجون، كانوا يتصورون أنفسهم ساسة واقعيين يفهمون السياسة ويناورون في المساحات المتاحة
وينتهزون الفرص الممكنة (والسياسة فن الممكن كما تحفظ عزيزي القارئ) ويُحرجون الخصم، ومن فمه يدينونه، وبتصريحاته يفضحونه ويضغطون عليه في المحافل الدولية وأمام الرأي العام العالمي!!
هذه الطبقة، هي التي يسميها تميم البرغوثي بـ "الوطنية الأليفة".. إنهم أولئك الوطنيون الذين كان لهم
نصيب الأسد في استمرار الاحتلال الإنجليزي لمصر أكثر من سبعين سنة!!!
والآن: لماذا كل هذه الثرثرة؟
والإجابة: التاريخ ذو شجون، ونحن الآن في شجون الحوار الوطني والمصالحة ولجنة العفو.. وإني أرى الأفق قد امتلأ بالوطنية الأليفة، وقد اجتمعت كلمتهم على إقصاء الإرهابيين المتشددين :)
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله..
في نهاية يوم حزين مؤلم، أحسب لا بد من تسطير هذه الكلمات، وأسأل الله أن يشرح صدري وييسر أمري ويحل عقدة من لساني، وأسأله تعالى أن تلقى هذه قلوبا وعقولا تفقهها وتحملها على أحسن وجوهها.
1. أصبحنا اليوم على الخبر الحزين المؤلم المؤسف، بمقتل مراسلة الجزيرة #شيرين_ابو_عاقلة التي كانت بالفعل جزءا من وعي الجيل عن فلطسين، ذلك الجيل الذي تابعها على القناة العربية الأشهر: الجزيرة، في البقعة الإسلامية المقدسة: بيت المقدس، عبر الزمن الملتهب الساخن الذي لم يهدأ..
حتى صارت صورتها وصوتها محفوران لا إراديا في عمق الذاكرة!
هذا فضلا عن أنها موهبة حقيقية، وكان تقريرها وجبة دسمة عن اليوم الحافل.
2. لم أعرف أنها مسيحية إلا بعد مقتلها، كنتُ قد كتبتُ "رحم الله شيرين أبو عاقلة"، فلما تبين لي أنها مسيحية، حذفت المكتوب، واستعملت العبارة الأنسب التي
في كثير من المواقف يبدو #السيسي_عدو_الله كأنه إنسان متخلف عقليا، يحتاج بحق إلى فحص طبي بالفعل.
مثلا في الموقف الشهير الذي قال فيه "أنا لو ينفع أتباع لاتباع"، كان يتكلم بكل الجدية، بينما الكلمة لا يمكن أن يفهمها أحد إلا على سبيل المزاح الثقيل..
يعني إذا عُرض هذا المشهد دون أن نعرف صاحبه ومناسبته، فسنتخيل أنه مقطع كوميدي، ولن يتصور أحد أن رئيس دولة ما كان يرى الحل في بيع الناس بمن فيهم رئيس البلد نفسه لحل مشكلة البلد!!
ومثل ذلك قوله لصحافية: مش هناكل يعني.. مش هناكل، بس نبني بلدنا.. أهم حاجة نبقى كده!!.. انتِ خايفة ليه؟ ده أنا لما اشوفك بتفاءل!!
ومثل ذلك قوله لشاب سأله عن الذين يريدون البقاء في الحكم إلى الأبد، فأجابه ببراءة: ليس هناك من يبقى في الحكم للأبد، لأن كل شخص سيموت!!
تمتلك الدول نوعين من القوة: القوة الكامنة والقوة العسكرية
تشير القوة الكامنة إلى المقومات الاجتماعية والاقتصادية التي تدخل في بناء القوة العسكرية وتعتمد بالدرجة الأولى على ثروة الدولة وعدد سكانها، فالقوى العظمى تحتاج إلى المال والتقنية والموظفين لبناء القوات العسكرية وخوض الحروب
وفي مجال السياسة الدولية تكون قوة الدولة في النهاية دالة لقوتها العسكرية مقارنة بالقوة العسكرية للدول المنافسة.
ولا تعد اليابان قوة عظمى اليوم، رغم أنها تمتلك اقتصادا ضخما وغنيا، لأن جيشها صغير وضعيف نسبيا، وتعتمد بشدة على الولايات المتحدة في أمنها. ولذلك يكون توازن القوة
مرادفا تقريبا لتوازن القوة العسكرية.
ولذلك فإنني أُعرِّف القوة في المقام الأول من المنظور العسكري.
ورغم الأسبقية للقوة العسكرية، تهتم الدول كثيرا بالقوة الكامنة؛ لأن الثروة الوفيرة وعدد السكان شرطان لازمان لبناء قوات عسكرية هائلة.
أحب لكل حركة مقاومة أن تتحلى بعقل رشيد ولسان فصيح منضبط متزن.
ولأن هذا أمر صعبٌ في نفسه، وهو أكثر صعوبة وعسرا عند الاستضعاف والحصار وقلة النصير. فإني أحب لكل من يؤيد المقاومة أن يفهم معنى الإعذار ومعنى الإكراه ومعنى الضرورة.
وأنفر وأحزن من كل مثالي يحب أن يموت مرسي في سجنه على
أن يحيا متمكنا وفي تاريخه تصريحات سيئة ومواقف مشينة (من وجهة نظره)!
ومن وجد في تاريخ المقاومة الإسلامية في العصر الحديث (عصر الاستضعاف) حركة لم تضطر أن تتحالف مع عدو عدوها، فليخبر بها.. فإن هذا لم يكن!!
وأكثر من يوصفون بالنقاء العقدي والمنهجي، حين نزلوا إلى معترك الواقع،
تعاونوا مضطرين مع أعدائهم المؤجلين ضد العدو الأخطر العاجل!
ويجب التفريق بين حركة تحقق إنجازا وصعودا، وبين حركة لا تحقق شيئا أو تتراجع وتنزوي.. فالأولى يُطال في الإعذار لها ويوسع في حسن الظن بها، وأما الثانية فلا.
ومن الخطير المدمر لكل فكرة مقاومة ولكل حركة مقاومة أن تخضع للخطوط
هذه الفقرة من كتاب "القضية الفلسطينية" للدكتور محسن صالح. وهو من الكتب التأسيسية لمن أراد أن يقرأ عن القضية الفلسطينية.
وجدتُ في هذه الفقرة فرصة مناسبة للإشارة إلى معنى مهم، أتوقع أن الحدث الحالي يجعل فرصة وصوله للعقول أسرع وأوضح.
يتصور الناس أن القانون تضعه السلطة لتنظيم عمل
المجتمع ولئلا يأكل القوي الضعيف. هذا الظنّ -إن صح- ليس إلا شيئا هامشيا بسيطا من أهداف القانون.
الغرض الأساسي للقانون الذي تضعه أي سلطة هو إخضاع الناس لها، بحيث تكون مخالفة السلطة ليست رأيا ووجهة نظر وعملا يحتمل القبول، بل تكون اعتداءا على "مقدس، ومحترم" وهو "القانون".
الوظيفة الأولى للقانون هو شرعنة الوضع الذي وصل إليه القوي، مهما كان وصوله إلى هذا الوضع دمويا ولا أخلاقيا.
البيان رقم 1 هو البيان الذي يجعل القانون السابق لاغيا، ويجعل الاعتراض على الوضع الجديد عملا غير مشروع. وبه تتبدل الأوضاع القانونية، فيصير ما كان مشروعا بالامس مجرما اليوم،