العقل: مصطلحٌ يُستعمل عادةً لوصف الوظائف العليا للدّماغ البشري، وخاصةً تلك الوظائف التّي يكون فيها الإنسان واعيًا بشكل شخصيٍ مثل: الشّخصية، التّفكير، الجدل، الذّاكرة، الذّكاء، وحتّى الانفعال العاطفي يعده البعض ضمن وظائف العقل.
عندما نتحدث مع المؤمن فهو يدّعي المنطق، وأنّ دينه من عند خالق، هذا الخالق المفترض أنّه خالق العقل، لذلك من المفترض أن يكون دينه قمةً في المنطق وغير متعارضٍ مع العقل، ومن المفترض عندما أدرسه أن أجده قادرًا على إقناعي بالإيمان به
لكن عندما ندرس أبسط أمور الدّين ونخضعها للعقل والمنطق نجدها مجرد أسطورةٍ منافيةٍ للعقل ولا يقبلها منطق، وعلى سبيل المثال (الجنّة) فكلّ الأديان اتفقت على وجود الجنّة والخلود الأبدي، بل إنّ غرض الأديان الهروب من فكرة الموت والإغراء بالجنّة والخلود الأبدي لمن يتبع هذا الدّين،
لكن عندما ندرس هذه الفكرة، ونخضعها للعقل سنجدها منافيةً للعقل تمامًا، فعلى سبيل المثال هذه الأسئلة:
1- هل في الجنّة سيكون لنا عقل ؟
فإذا كانت الإجابة نعم سيكون لنا عقل، فبالطّبع سيكون هناك تفاوتٌ في الذكاء، سيكون هناك شخصٌ ذكيٌّ وشخصٌ أقلّ منه ذكاءً
وبهذا سيكون معرضًا للوقوع في الخطأ؛ لأنّ هذا من صفات العقل البشري، فمن الممكن أن تخطئ مثل آدم ثانيةً ولو اعتبرنا أنّ خطأ أدم كان بسبب إبليس، فمن جعل إبليس يخطئ على الرّغم من أنّ إبليس كان من الجنّ، ولم يكن هناك إبليسٌ قبله ليجعله يخطئ، ومع ذلك أخطأ،
وفي الجنّة سيكون هناك إنسٌ وجن، والاثنان متساويان بالطّبع فستكون هناك فرصةٌ للوقوع في الخطأ مرّةً أخرى، ومن المعروف أنّ الجنّة لن تكون فوضى فالله سيحدد لك مرتبتك وعدد زوجاتك وما إلى ذلك، وهو ما يوضحه هذا الحديث: «روى مسلم بن الحجّاج في صحيحه
حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنّ النّبي قال: سأل موسى بن عمران ربّه جلّ وعلا وقال: يا رب! ما أدنى أهل الجنّة منزلةً؟ فقال الله جلّ وعلا: يا موسى! ذلك رجلٌ يجيء بعدما أدخل أهل الجنّة الجنّة فيقال له: ادخل الجنّة، فيقول: يا ربّ! كيف وقد نزل النّاس منازلهم وأخذوا آخذاتهم؟
فيقول الله: أما ترضى أن يكون لك مثل مُلْك مَلِكٍ من ملوك الدّنيا؟ فيقول العبد: رضيت يا رب! رضيت يا رب! فيقول الرّب: لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله فيقول العبد في الخامسة: رضيت يا رب! رضيت يا رب! فيقول الرّب جلّ وعلا: لك ذلك وعشرة أمثاله معه، ولك فيها ما اشتهت نفسك، ولذّت عينك».
لاحظ هنا الحديث، فقد تكلم عن درجات أهل الجنّة، وأنّ الشّخص الذي سيكون في أدنى منزلةٍ سأله الله هل رضيت؟ فهذا دليلٌ على أنّ الإنسان في الجنّة سيكون بعقلٍ ويفكر ويقرر، وهذا ما يجعل الباب مفتوحًا للتّمرد على هذا الحكم مستقبلًا فهو في الجنّة سيرى من هم أعلى منزلةً منه،
وبما أنّ لديه عقلًا ويفكر فهذا سيجعل الباب مفتوحًا للتّمرد مثلما فعل إبليس في السّابق وتكبر على حكم الله، ولو كانت الإجابة نعم سيكون هناك عقلٌ لكنه سيكون مختلفًا عن العقل البشري، عندها لن يكون بشريًا بل شيئًا آخر معدلًا مثل (الرّوبوت) المبرمج لفعل أشياء معينةٍ فقط دون الأخرى،
وهذا يغلق الباب أيضًا أمام نظرية أنّ في الجنّة سيكون كلّ شيءٍ متاحٌ، وستطلب أيّ شيءٍ ويتحقق لك؛ لأنّ الملائكة في الجنّة لا تطلب أشياءً بل تفعل ما تُؤمر به فقط ..
الخمر: ما أسكر من الشّراب وعصيرٍ العنب ونحْوِه؛ لأنّها تغطي العقل، سميت الخَمْرُ خَمْرًا؛ لأنَّها تُرِكَتْ فاختمرت .
2- ما فائدة الخمر في الجنّة؟
عندما يعد الله المؤمنين بخمرٍ في الجنّة، فهو يقصد الخمر المحرّم في الدّنيا لكن هذا شيءٌ غير منطقي، ففي الجنّة لن يغيب عقلك ولن تصاب بما يحدث لشارب الخمر في الدّنيا، فمن الواضح أنّ الله أراد أن يغري المؤمنين به لكنه لم يتطرق لهذه الإشكالية ..
لكننا نجد المؤمن لكي يغطّي على هذا الخطأ الفادح يقول: إنّ خمر الجنة غير خمر الدنيا
وهو لا يسكر، فبذلك يقع في خطأ آخر، عندها لن يكون خمرًا بل مجرد عصير؛ لأنّ الخمر لا يكون خمرًا عندما يفقد إحدى صفاته، فعندما أصنع عصير العنب دون أن يتخمّر ويكون سببًا في غطاء العقل سيكون من الخطأ
أن أطلق عليه اسم (خمر) فهو مجرّد عصيرٍ لا يختلف عن غيره من العصائر الأخرى، فعندما يحرّم الله خمر الدنيا ويعدنا به في الجنّة فهو بالطّبع يقصد نفس الخمر الذي حرمنا منه في الدنيا، فعندما أعِد شخصًا ظمآنًا أنّي سأعطيه ماءً ليشرب، ثمّ أعطيه مياهًا غازيةً ليشرب،
وأقول له إنّها أفضل من المياه الأخرى فهذا خطأٌ في الفهم وتلاعبٌ بالمعنى، فعندما يقول الله (خمر)، و يكون غير خمر الدنيا، فالله هنا أخطأ في استخدام الكلّمة المناسبة لتصف ذلك وتلاعب بنا، و عند ذهابك للجنّة وشربك من هذا الخمر، ومهما تشرب دون أن تتغير عقليًا أو تشعر بلذة السّكر، فهو
ليس خمرًا بل مجرّد عصيرٍ فقط، والله أخطأ في الوصف.
الغريزة:ميلٌ فطريٌّ وراثيٌّ يدفع الكائن الحيّ لفعل حاجاتٍ تشبع حاجاته الحيوية. والغريزة عنصرٌ مشتركٌ بين كلّ أفراد النّوع الواحد مثل الغريزة الجنسية وغريزة البحث على الأكلّ. السّلوك النّاشئ عن الغريزة قابلٌ للتّعديل عن بالخبره .
3- ما فائدة الغريزة في الجنّة؟
الغريزة لها فائدةٌ في حياتنا وتكون لغرضٍ معين، وهو الحفاظ على الحياة، فالغريزة الجنسية لها مهمّةٌ في حياتنا البشرية، وهي الحفاظ على التّكاثر، فلولا هذه الغريزة لانتهت الحياة البشرية، فذهابك بهذه الغريزة في الجنّة يجعلنا نفهم أنّه سيكون
هناك تكاثرٌ في الجنّة، وسيكون هناك شخصٌ أقوى من شخصٍ آخر جنسيًا، وتتعرق وسيكون هناك ماءٌ للرّجل وماءٌ للمرأة، وستكون بحاجةٍ إلى الرّاحة بعد الانتهاء، وستكون النّساء في نظرك مختلفاتمنهنّ الجميلة ومنهن الأقل جمالًا، وستكون أيضًا النّساء مجرّد وعاءٍ لفضّ الشّهوة لا تختلف عن الدّنيا،
وغريزة الشّعور بالجوع لنأكل ولا نموت، فعندما تقول: إنّك ستجوع في الجنّة، فما فائدة ذهابك بهذه الغريزة؟ فأنت لن تموت على كلّ حال، وهل عندما تأكل ستشبع وتكون بحاجةٍ إلى الهضم والإخراج وما إلى ذلك؟ وغريزة الشّعور بالظّمأ لنشرب ولا نموت، فعندما تقول إنّك ستعطش في الجنّة،
فما فائدة ذهابك بهذه الغريزة؟ فأنت لن تموت إذا لم تشرب أيضًا، فالغريزة تستمد متعتها من نقصانها، فعندما تأكل أكلًا كلّ مدةٍ أو تأكل وأنت جائعٌ ستكون لها متعةٌ أكثر من أن تأكلها يوميًا، أو تأكل وأنت غير جائع.
4- هل ستكون الجنّة دار نعيمٍ أبديٍّ أم جحيمًا أبديًا؟
يعتقد أصحاب الأديان أنّ الجنّة ستكون دار نعيمٍ وسعادةٍ لا يوجد حزنٌ ولا تعبٌ وكلّ شيءٍ هناك جميل، لكنهم لم يفكروا، ولو لمرّة ما سرّ جمال الدنيا؟ وما سرّ تمسكنا بها؟
إنّ ما يجعل الحياة على الأرض جميلةً ولا نريدها أن تنتهي هو معرفتنا أنّ هذه الحياة سوف تنتهي يومًا، وكلّ يومٍ في حياتنا من الممكن أن يكون آخر يومٍ لنا؛ لذلك نحبّها ونتمسّك بها لكن لو هذه الحياة كانت خالدةً لكانت جحيمًا أبديًا،
فعلى سبيل المثال تخيل أنّي أعطيتك قصرًا في الدّنيا، وفي هذا القصر كلّ ما تحلم به من متعٍ ثمّ أغلقت عليك القصر، وجعلتك تعيش فيه، ففي البداية ستكون في قمّة السعادة، ثمّ مع الوقت سيخفّ شعور المتعة، و بعد مئة عامٍ على سبيل المثال ستشعر بالملل،
و تخيّل بعد ألف عامٍ أو أكثر ستعتبر هذا القصر نقمةً وليس نعمةً وستتمنى الموت ألف مرّة، سوف تكره الحياة وتتمنى الذهاب الى العدم ورفض وجودك بالحياة من الأساس ..
سوف تفضل عدم الوجود تمامًا قبل ولادتك الى الحياة لانه سيكون مكان مريح ..
5- هل ستذهب كما أنت، وبنفس شخصيتك في الدّنيا؟
عندما تقول إنّك ستذهب الجنّة كما أنت في الدنيا، وبنفس شخصيتك فسيكون هناك من هو أفضل من الآخر، وسيكون هناك الأعمى والعاجز والضعيف جنسيًا، والمعوق ذهنيًا، وسيكون هناك أشخاصٌ بيضٌ وسودٌ ومن هو أجمل من الآخر،
وهذا ما تنفيه الأديان فهي تقول إنّك لن تذهب نفس الشّخص بل ستكون خاليًا من العيوب، فإذا كنت أعمى أو مصابًا بتشوهٍ فستذهب الجنّة دون هذه العيوب وستذهب شخصًا جميلًا، وهو ما يجعلك شخصًا آخر، فكلّ شخصٍ مكونٌ من مميزاتٍ وعيوب،
فلا يوجد شخصٌ كاملٌ بالطّبع، وهذا ما يجعل الشّخص مختلفًا عن الآخر، فعندما تقول إنّك ستذهب دون هذه العيوب فبهذا سيكون أهل الجنة كلّهم متشابهون لا يوجد اختلافٌ بينهم، وهذا يجعلهم أشخاصا مختلفين عن ما كانوا عليه في الدنيا، فنجد أنّ كل من في الجنة سيكون في مرحلة الشباب،
وهذا ما يثبته هذا الحديث: فعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أَنَّ النّبِي قَالَ: (يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ جُرْدًا، مُرْدًا، مُكَحَّلِينَ، أَبْنَاءَ ثَلَاثِينَ أَوْ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً)
وفي حديثٍ آخر : أتت عجوزٌ إلى النّبي فقالتّ:
يا رسول الله ادعُ الله أن يدخلني الجنّة، فقال لها: يا أمّ فلان إنّ الجنّة لا يدخلها عجوزٌ، فَوَلَّتْ – المرأة – تبكي، فقال رسول الله: أخبروها أنّها لا تدخلها وهي عجوزٌ، إنّ الله يقول: إِنَّ أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارا عُرُبا أَتْرَابا.
وحديثٌ آخر يؤكد أنّ أهل الجنّة سيكونون على صورة آدم: يدخل أهل الجنّة على أكمل صورةٍ وأجملها، على صورة أبيهم آدم عليه السّلام، وقد خلقه الله تعالى بيده فأتمّ خلقه وأحسن تصويره، وكلّ من يدخل الجنّة يكون على صورة آدم وخلقته،
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال: «خلق الله عزّ وجلّ آدم على صورته، طوله ستون ذراعًا… فكلّ من يدخل الجنّة على صورة آدم وطوله ستون ذراعًا»
وهذا ما تتفق عليه تقريبا كلّ الأديان، فأهل الجنّة سيكونون في مرحلة الشباب، لكن لم يتطرق أحدٌ للأطفال، فيبدو أنّ مصطلح الجنّة لإغراء الكبار فقط، فنجد أنّ الكهل سيذهب شابًا فلا توجد شيخوخةٌ هناك، وهذا شيءٌ منافٍ للعقل والمنطق، فما يميز الأشخاص في الدّنيا هو اختلاف طباعهم وأعمارهم
فعندما تقول إنّه في الجنّة سأجد جدّي وجدّتي ووالدي ووالدتي وأخي وأختي وأصدقائي في نفس العمر، كلنا شبابٌ ولا يوجد اختلافٌ بيننا في المميزات والعيوب، فما كان يميزهم عن بعض قد ذهب، فلن يكونوا نفس الأشخاص الذين عرفتهم في الدّنيا،
بل هم أشخاصٌ آخرون معدّلون، لا يوجد ما يميزهم عن بعضهم، والشّخص المعوق ذهنيًا عندما يذهب شخصًا سليمًا معافى فعندها لن يكون نفس الشّخص الذي كان عليه في الدّنيا، وهذا ما يؤكد أنّ من سيذهب للجنّة شخصٌ آخر غيرك معدّلٌ شخصيًا وجسمانيًا.
في الختام :
انا اعلم ان كلامي قد لا يعجب البعض لكن ما تركته بالمنطق لا تعد اليه بالعاطفة لك حرية التصديق واختيار طريقة حياتك ..
• • •
Missing some Tweet in this thread? You can try to
force a refresh
إن ميثولوجيا العصر الحديث هي الصدفة، فكما اخترع الإغريق أبوللو إله الفنون، وكما اخترع الرومان فولكان إله البراكين، اخترعت المادية إله الصدفة الذي لا يصمد أمام التحقيق الفلسفي.
عندما يأتي الكلام عن العلة الفاعلة للنظام في الكون تجد نفسك أمام ثلاثة خيارات:
الخيار الأول: تقول به الفلسفة المادية، التي من أعلامها: ديمقريطس وأبيقور قديماً، ماركس وإنجلز حديثاً، وهو الصدفة مع الزمانية الطويلة جداً يجمل لنا القول في هذه النظرية الأحيائي الحاصل على جائزة نوبل جورج والد،
تخيّل معي أُستاذ في مدرسة أعطاك منهجًا مقررًا، فإن قمت بمذاكرته واجتزت اختباره ستنجح وترتقي لمكانة أفضل وإن لم تجتز اختباره سيقوم بمعقابتك، أمر منطقي، أليس كذلك؟ فالغرض من الاختبار الأكاديمي، ربما يكون الحصول على درجة اجتماعية أو لقب معين، ووفق هذه الدرجة أو هذا اللقب تمنح
الوظائف والأعمال.
ولكن هل تصحّ هذه الحالة للمقارنة مع كيفية تعامل الله مع عباده؟ من وجهة نظري فإنها مقارنة فاشلة في أعلى المقاييس ولكن سأقوم بإجراء تعديلات عليها كي تصحّ نوعاً ما.