القرآن كلام بشري يعتريه ما يعتري أمثاله من الجودة والرداءة
تاقات متعلقة
#بلاغة_القرآن #الفصاحة #النقد #عقلانيون
عرف الشريف الجرجاني (المتوفى: 816هـ) الفصاحة: " وهي في المفرد: خلوصه من تنافر الحروف والغرابة ومخالفة القياس، وفي الكلام: خلوصه من ضعف التأليف وتنافر الكلمات"
التعريفات ص 167
وسنستعمل هذا التعريف لنطبقه على القرآن دون اللجوء (للترقيعات الإسلامية)
=
أ – خلوه من تنافر الحروف
ويكون ذلك بتناسق ترتيب مخارجها فلا يثقل على الإنسان نطقها
ويضربون لها مثلا كلمات مثل: الهعخع وتكأكأتم ومستشزرات،
فتجد أنها عسيرة على النطق أو قبيحة في السمع
وفي القرآن ما يماثلها من ألفاظ عسيرة النطق قبيحة الصوت فمن ذلك
=
العهن – مهطعين – يعمهون- فكبكبوا – أنلزمكموها – فسيكفيكهم – فليبتكن – ضيزى – شواظ - أغطش
ستجد أن هذه الألفاظ إما قبيحة اللفظ أو ثقيلة النطق لتردد الكلمة بين مخارج الحروف المتقاربة
وهو ما يتنافى مع الفصاحة على الرغم من صحة استعمال الكلمات
=
وهو أن تكون الكلمة شائعة الاستعمال معروفة المعنى
وقبل ضرب الأمثلة يوجد كتب تدور أسماؤها حول غريب القرآن ومشكل القرآن فضلا على التفاسير الكثيرة التي ظهرت حاجتها منذ العصر الأول
ومن الكلمات التي لم يفهمها حتى الصحابة مع معاصرتهم لنبي الإسلام
فمن ذلك =
وروي أن عمر بن الخطاب قرأ الآية: { وفاكهة وأباً} قال: قد عرفنا الفاكهة فما الأب؟ ثم رجع إلى نفسه فقال لعمرك يا بن الخطاب إن هذا لهو التكلف
=
وعن سعيد بن جبير أنه سئل عن قوله: {وحنانا من لدنا} فقال: سألت عنها ابن عباس، فلم يجب فيها شيئا.
وعن عكرمة عن ابن عباس، قال: لا والله ما أدري ما حنانا!
=
وعن قتادة قال: قال ابن عباس: ما كنت أدري ما قوله: {ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق} ، حتى سمعت قول بنت ذي يزن: "تعال أفاتحك " تقول: تعال أخاصمك.
=
كل ذلك مذكور في الإتقان للسيوطي 2/4-5
كذلك هذه الألفاظ الغريبة: ضيزى – شواظ - أغطش
والتي تعني الجائرة الظالمة – اللهب بلا دخان – الظلام
ولغرابتها وقبحها اندثرت من الاستعمال الفصيح حتى بعد القرآن
=
اللغة العربية شديدة الصرامة في قوانينها وتضع قواعد أساسية للألفاظ واشتقاقها وبقدر انضباط اللفظ بها يكون فصيحا ولا تقبل الخروج عن قواعدها إلا شيئا نادرا ويسيرا
ومن ذلك حذف الياء:
(والليل إذا يسر) والقياس يسري
(إني أخاف عليكم يوم التناد) والقياس التنادي
=
والشذوذ في المصدر
(وكذبوا بآياتنا كذابا) والقياس تكذيبا مثل سبح تسبيحا وكبر تكبيرا
(إلا أن تتقوا منهم تقاة) والقياس اتقاء مثل ابتدأ ابتداء وانتهى انتهاء
(ولكل وجهة هو موليها) والقياس جهة مثل وعد عدة ووزن زنة
=
أ-خلوه من تنافر الكلمات
كما في المفردات فإن تقارب مخارج حروف الكلمات يجعل نطقها ثقيلا
فجرب أن تقرأ هذه الآية (وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ) استرسالا بلا ترتيل ستجد نفسك لا تستطيع نطقها بسهولة لتقارب مخرجي الميم والنون وتكررهما في التركيب
=
وكذلك قبح نطق الآية (يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا) فتجد تكرار الحروف (ز – س – ش) وتقارب مخارجها مؤذيا للناطق والسامع
ومثل ذلك (ومن شر غاسق إذا وقب)
=
والمقصود به التركيب النحوي القياسي فلا يخالف التركيب الفصيح القياس النحوي الصحيح وإلا فإنه يفقد صفة الفصاحة وأحب أن أشير هنا إلى أن كثيرا من المسلمين يعيب على النحويين تسليطهم القواعد النحوية على القرآن بحجة أن القرآن جاء في العصور الفصيحة وهذا ليس بحجة
=
وقد تجاهل النحاة كثيرا من كلام العرب مما لم يجر على قواعدهم القياسية وانتقدوا القراءات المخالفة
=
=
=
=
من ذلك (فأوجس في نفسه خيفة موسى) والفصيح فأوجس موسى في نفسه خيفة
ومنه (وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما) والفصيح اثني عشر سبطا أو اثنتي عشرة أمة
ومنه (ثلاثمئة سنين ) والفصيح ثلاثمئة سنة
وحصر ذلك يحتاج لفراغ وعناية وفيما ذكرته كفاية
=
والمراد بذلك أن يكون سهل الفهم بينا واضحا لا يحتاج معه المخاطب إلى بذل جهد للفهم وبغض النظر عن كثرة كتب التفسير التي تزخر بها مكتبة علوم القرآن لتشرح الواضح منه وتختلف في الغامض أو ما يعرف بمصطلح المحكم والمتشابه
=
من أمثلة ذلك الآيات (أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم*...* إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم * طلعها كأنه رؤوس الشياطين) فشبه المجهول (الزقوم) بالمجهول (الشياطين) فلا يخرج المخاطب بأي فائدة من هذا الكلام
=
=
ومن ذلك التكرار الذي لا داعي له وإن كنت تقبله أحيانا على مضض
ومِن جَاهِلِ بي وهوَ يجهَل جَهله
ويجهَل عِلمِي أَنه بي جَاهِل
وقول الشاعر:
ألا لايجهلن أحد علينا
فنجهل فوق جهل الجاهلينا
فتحد تكرار مشتقات الجهل عملا رديئا لا يستقيم في الذوق السليم
=
ولترى أن الأمر رديء عليك بناء سورة مشابهة لأن الناس تألف ما تعودت سماعه دائما فلا تظهر لها رداءته
=
( قل يا أيها المؤلفون * لا أكتب ما تكتبون* ولا أنتم كاتبون ما أكتب * ولا أنا كاتب ما كتبتم * ولا أنتم كاتبون ما أكتب * لكم فنكم ولي فن)
=
وهكذا سنجد أن النص قد صار أفضل وأيسر للفهم
=
انتهى