قصة
_____(الشيخ الملحد)_____
تحذير: +18 🔞
[1]
في جلسة هادئة في إحدى الصحاري والرمال محمرة من أمسها الماطر والنسائم العليلة تنشر عبق عطر زهورها وكأنها عناق أحباب بعد طول غياب وتقطع الأسباب
كاد نواف يغمى عليه ضحكا عندما روى فيصل مأساته التي حدثت هنا =
لم يستطع نواف التنفس من الضحك فصار يهتز كأنه جوال على الصامت ثم تنطلق منه شهقة متلهفة للهواء ثم يعود يهتز=
ثم استرسل نواف يقص حكاية الشيخ الدكتور فايز
[2]
سافر فايز إلى مصر يريد زيارة زملائه من الدكاترة المصريين وشراء بعض الكتب النادرة من مكتباتها=
كان صبري خبيرا بهؤلاء السياح وقد منحته خبرته سمعة جيدة فهو يعرف ما يريدون ويختصر عليهم الجهد والوقت وكانت مهمته تقتصر على جعل السائح يشعر بالرضا والسرور خلال=
ألقى فايز بجسده المنهك على السرير، وما إن لامس جسده الفراش الوثير، وأحس بنعومة اللحف والوسائد، إذا به يمد يده إلى=
فأجاب فايز مندهشا: "صلاة الفجر!"
فقال الموظف: "بس لسه يا بيه الفجر باقي له شويتين"
قال فايز متعجبا: "بس الحين وقت الصلاة شوف الساعة!"=
عض فايز شفته السفلى ثم تبسم للموظف وعاد إلى غرفته فورا دون أن يقول أي كلمة شاعرا بالحرج من الموقف وهو يتخيل موظف الاستقبال يقول في نفسه مستهزئا : "قال صلاة الفجر قال"
دخل صبري إلى بهو الفندق فوجد فايز جالسا ينتظره واضعا يديه فوق كرشه الذي يبدو كبالون محشور في بطنه قد شبك أصابعه ويتمتم لنفسه بصوت خافت.
قال صبري: "صباح الخير يا باشا"
فالتفت فايز فلما رأى صبري رمقه بنظرة غاضبة وقال موبخا له بصوت مشمئز: "وعليكم السلام" =
نهض فايز مبسملا يعتمد بيده على رفع وزنه الثقيل وسار مع صبري إلى سيارته الواقفة أمام بوابة الفندق وما إن فتح له صبري الباب حتى ألقى فايز بمؤخرته على مقعد السيارة فاهتزت السيارة حتى=
انطلق صبري بالسيارة وهو يفكر بطريقة ما ليفاتح فايز بما خطط له بطريقة تنال رضا فايز وتزيد من اسهمه عنده وأثناء الطريق=
قال صبري: "ولا يهمك، سيب كل شي علي، وهي حتعمل اللي أنت عاوزه لو تقولها ما تطلعيش مش حتطلع، وانت قبل ما ترجع طلقها تكون عشت يومين حلوين وهي حتعيش سنة بالمهر اللي حتديها"=
قال صبري: "ما تفهمنيش غلط يا باشا، إنت مش حتقولها إنك ناوي تطلقها، وممكن هي تخش قلبك وتاخدها معاك مين عارف وهي بنت غلبانة وعلى قد حالها وترضى بالقليل مش حتغلبك، وإنت شيخ وعارف إنه كده مش حرام"
سكت فايز قليلا يفكر ويتذكر الفتاوى التي =
قال فايز: "حسبي الله عليك يا عم صبري لعبت في راسي، والله إن السرير الفاضي إنه ينعاف، متى نروح لها؟"
قال صبري: "أدي إحنا رايحين نخطب" وكشر عن ابتسامة نابعة من ثقته بخبرته العميقة
قال فايز: "يا ملعون وأنت مخطط لكل شي؟!"=
قال فايز: "صدقت يا الملعون"
[4]
عاد فايز إلى فندقه فورا مصطحبا زوجته المؤقتة فتحية بعد أن طلب منهم أن يجهزوا له حفلة صغيرة في غرفته وأرسل صبري في سبيله وقضى=
وفي أثناء تجوالهم في الحي مشيا إذا بصوت يناديهم من خلفهم:=
قال حمدي: "سيبك منه، ده دكتور فرج، ملحد ضال"
قال فايز: "عجيب وتاركينه يسرح ويمرح؟!"
قال عصام: " بص يا دكتور فايز، هنا مش زي عندكم،=
قال فايز: "ادعوه للإسلام لعل الله يفتح على قبله وتاخذون أجره"
قال حمدي: "غلبنا معاه هو تخصص فلسفة ومش حينفع معاه الكلام"
قال فايز: "وش فلسفته؟! خلوني معاه ساعة بس وراح يصلي معنا الظهر بإذن واحد أحد"
قال عصام: "سيبه يا فايز واسمع الكلام=
قال حمدي: "ادعي له بس الله يهديه"
قال فايز: "أنتم ما عرفتوا له، دواه عندي وإذا ما أقتنع فأنا ما أعرف شي"
قال عصام: "يا فايز ده ملحد، لو فيه شوية عقل ما ألحدش فسيبك منه خلاص"
فقال حمدي: "سيبه يا عصام خليه يجرب، باين إنه أول مرة بيشوف ملحد"=
التفت فرج متفاجئا متعجبا كيف بشيخين أزهريين يناديانه وهما لم يردا عليه التحية مرة واحدة ولم يكلماه منذ أن انفض مجلسهم الأخير وقد يئسا من إعادته لحظيرة الإسلام.=
وخلال الطريق ظل فايز يحضر حججه وأدلته ويحاول أن يصنع خطة ما ليستدرج فرج ليوقعه إما في تناقض أو عجز إثبات=
يتبع بعد قليل ...
بينما كان فرج يفكر باحثا عن السبب الحقيقي وراء هذا النقاش فالشيخان الأزهريان قد انقطع رجاؤهما منه فكيف لم يخبراه؟=
[5]
ابتدأ فايز الحديث وطرح كل الحجج المعتادة التي كان فرج يسمعها وكم تنفس الصعداء وقال في نفسه: "وأنا اللي كنت فاكرك حاجة تانية!" وبينما فايز يهذر بحججه كان عصام وحمدي=
فصل فرج في نقض كل حجة من حجج فايز ثم أضاف عليها حججا تضعف موقف فايز أكثر فأكثر=
لقد ملأ العجب وجه فايز وفغر فاه فما كاد ينهي فرج حديثه حتى اعتذر فايز قائلا : "كل اللي سمعته جديد علي ولا أعرف عنه شي"=
قال فايز: "الفلسفة حرام وهي عندنا سبيل الزنادقة"
فانفجر فرج ضاحكا وقال: "هو انتو لسه محرمينها؟! عشان كده ما كنتش تعرف إن حججك انتهت من 300 سنة وما فيش حد بيتكلم عنها غيركو"
قال فايز: "هذي جولة، موعدنا السنة الجاية، أتعلم وأجيك"=
تفرق الجمع وعصام لا يكاد يستطيع كتم شماتته بفايز وقال: "مش قلت لك اسمع الكلام، أديك خدت على نافوخك"
فقال فايز: "لكل سيف نبوة ولكل جواد كبوة، وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة، الوعد السنة الجاية بإذن الرحمن"=
تجاهل فايز تعليق حمدي وأكملوا جولتهم
[6]
انتهت رحلة فايز إلى مصر وطلق فتحية وقلبه ينازعه فقد أعجبه جمالها وتفاصيل جسدها وأحب لطافتها وظرافتها وعاد إلى بلده لا يشغل باله شيء سوى الفلسفة فلم يتحمل أبدا وهو الشيخ الدكتور ذو الجاه والمنصب=
لكن الذي لم يحسب له حسابا، ولم يتخيله قط ولا في أكثر تخيلاته مبالغة أن تهتز أركان إيمانه، لم يدرك أنه حين يفكر بحكمة سيعقد أول محاكمة يكون هو فيها المتهم=
تذكر فتحية وهي تدخل عليه كأنها سجادة ملفوفة مغلفة بالسواد ثم ما زال يلقي جزءا تلو جزء من ملابسها حتى رأى تفاصيل جسدها كله، كيف لهذه الكاعب الناهد الهيفاء الحسناء التي تروي عطش العيون أن تدفن جمال حقيقتها تحت أستار الجهل؟!=
أدرك أن الحقيقة جمال محرم
لا يراد لأحد أن يطلع عليه
لقد بنيت الأسوار وأسدلت الأستار
وأحكمت الأقفال حتى لا يرى أحد جسد الحقيقة
لقد ألحد فايز
,
مضت عدة أيام وفايز تتصارع أفكاره فمن جهة لم يعد يؤمن بخرافة دينه السابق ومن الجهة الأخرى حياته كلها قائمة على هذا الدين=
عائلته وعمله ومشاركاته في الفعاليات ومنصبه ومركزه الاجتماعي ومظهره كلها قائمة على شخصية الشيخ الدكتور فايز لكن عقله يشعر بالاشمئزاز من هذه الحياة =
لقد أثارت أصابعها الصغيرة وهي تخترق شعر لحيته خيالات عن سعادة بناته ويقلب مشاهد عديدة في رأسه
يتذكر حال أمه وأخواته البائس معه ومع أبيه وإخوته
استمرت الجلسة وعائلة فايز تلقي عليه الأسئلة وتناقشه وتفترض مواقف وتمتحن ردات فعله، وشعر فايز بأنه قد يضطر إلى كشف سره لو أجاب على كل هذه التساؤلات، فأراد أن يضع بعض التبرير لموقفه الجديد، فشرع يشرح كثيرا من المحرمات القديمة=
[8]
كان فايز يحاول التوفيق بين مظهره المتدين، وقلبه الكافر فكان يجرب سرا=
يتبع بعد قليل ...
توافد الناس إلى بيت فايز وبدأ=
وأثناء إعداد القهوة بادر أحد (المطاوعة)=
قاطعه فايز قائلا: "اللي تبونه تم، بس تشربون قهوتكم أول ويصير خير"
لقد أدرك فايز أنهم يريدون إحراجه بحكاية علبة السجائر فأراد أن يؤجل الحديث عنها قدر المستطاع والتفت إلى قهوته ليكمل إعدادها=
انفرجت أسارير الجميع وتبسموا وشعروا بالحرج من ظنونهم السيئة بشيخهم=
أراد فايز التخفف من أعباء حياة المدينة قليلا فاقترح عليه أحد زملائه أن يذهب إلى إحدى قرى البادية ليضرب عصفورين بحجر فيعلمهم أمور دينهم، ويبتعد عن ضوضاء المدينة قليلا، أعجبت الفكرة فايز واختار قرية معزولة قليلة السكان فاستقبلوه بحفاوة واقبلوا عليه يعظمونه ويتعلمون=
وذات يوم رأى امرأة غافلة تقضي بعض شؤونها فانبهر بجمالها وتقاسيم وجهها وصفاء عينيها فهبت الريح من خلفها فألصقت ثوبها =
لم تجد محاولات شليويح نفعا في أن يجد له=
غادر فايز القرية إلى أن يهدأ الوضع وتبرد القلوب وتشفى الصدور وتلتئم الجروح والأهم تنتهي عدة خزنة =
بعد بضعة أشهر عندما شعر فايز أن خزنة خرجت من عدتها عاد إلى القرية وشعر أن الأمر عدى على خير عندما استقبلوه بنفس الحفاوة كأن شيئا لم يحدث، إلا نظرات شليويح المنكسرة الذي عوضه أحد أقربائه بتزويجه ابنته، لكن القلب يهذي بخزنة هوى الروح=
انفرد فايز بخزنة، وأفرط في تدليلها والثناء عليها=
لقد اشتهت أن تعانق فايز وتقبله=
يتبع بعد قليل ...
[11]
لقد كان قلب شليويح يشتعل نارا وهو يعلم أن معشوقته خزنة بين ذراعي رجل آخر تسبب بفراقهما ولم يكن بيده أي حيلة، فقد غلبه هذا الشيخ المطوع بالدين، وليس بيده شيء سوى أن يترصد له لعله يجد=
لاحظ فايز شليويح وهو يتتبعه في القرية فخاف أن ينتقم منه فيقتله أو يضربه فصار لا يسير وحده أبدا وأخفى بين ملابسه سلاحا ليحتاط لنفسه، وانشغل باله=
أقام والد خزنة وليمة على أطراف القرية دعا لها شليويح خاصة وبقية أهل القرية
كان فايز يراقب شليويح الذي هو بدوره يراقب فايز فإذا تصادفت عيونهما تظاهرا بغير ذلك، ثم تكلم والد خزنة=
لقد كذب شليويح مضطرا أمام الجماعة، لكن ذلك لا يمنعه من الترصد لفايز حتى يجد عليه ما يذله به، ثم استمرا بمراقبة بعضهما فلا فايز اطمأن ولا شليويح سيتركه، ثم قام فايز=
لقد فزع=
انتهت