قصة
_____(ليالي الرعب)_____
[1]
داخل خزانة ملابسها اختبأت سارة وهي ترتجف من الرعب وقلبها يضطرب في صدرها يكاد يخرج منه وهي تسمع قرع والدها الباب قائلا: "افتحي يا العاهرة أنا غلطان اللي ما ربيتك" يتلوه صوت أمها تقول: "اذكر الله يا ابن الحلال والله إنها عندي وما سوت شي"=
عندما عاد والد سارة من المسجد بعد صلاة العشاء وجد مجموعة من الفتية تقف عند باب بيته ثم انصرفوا قبل وصوله فوجد باب بيته مفتوحا قليلا فوقر في نفسه =
إن الصفعة الأولى أصبحت صفحة جديدة، ثقب في قلبها بدأ منه حب والدها بتسرب، لم تكن لتغفر له أبدا، خاصة أنها لم تفعل شيئا يستوجب العقاب البدني واللفظي، =
انهارت أم سارة عندما رأت منظر ابنتها المليء بالكدمات والنزف، وثيابها الملطخة بالدماء، فقالت: "إيش هذا؟!"، لم يكن لدى سارة جواب، فهي لا تدري فعلا ولا تشعر بأي ألم، إنها ما تزال مصدومة مما حدث، فخافت على ابنتها خوفا شديدا أن تكون أصيبت إصابة خطرة، فاصطحبتها إلى المستشفى،=
اكتفت سارة بحياة افتراضية على الإنترنت وعزلة في غرفتها معظم الوقت، لا يقطعها سوى ما تؤمر بفعله، ركزت على تطوير نفسها وحاولت تعويض منعها من الدراسة الجامعية، إلى التعلم الذاتي، أحبت الرسم وطورت موهبتها فيها بأدوات بسيطة =
فكرت كثيرا لماذا لا تنال نفس معاملة الذكر، لماذا يرتع أخواها في نعيم والدها كما يريدان =
كان يشغل بال أم سارة عزلة ابنتها وانطواؤها ففكرت كثيرا بطريقة تخرجها من عزلتها واستشارت من استشارت حتى وجدت من أشار عليها بأن تلتحق سارة معلمة بإحدى الدور النسائية لتحفيظ القرآن، وبعد جهد جهيد في إقناع والدها الذي تأمل أن يجلب لها ذلك من يخطبها فيتخلص من همها،=
تعينت سارة في دار التحفيظ ومارست عملها بكل إخلاص متوج بفكاهة الواقع المرير، وفي الدار تعرفت على مثيلاتها في البؤس من الفتيات اللاتي كانت فرصتهن الوحيدة للخروج هي هذه الدار وتعمقت علاقتها بإحداهن، فقد كانت منى أقربهن إلى نفسها وتفكيرها =
وذات يوم تصادف دخولها مع دخول مديرة الدار وبعد التحية الباردة طلبت منها المديرة أن تأتي إليها في وقت فراغها لأمر ما،=
يتبع بعد قليل ...
تنفست سارة نفسا عميقا كأنها كانت قد احتبس عنها الهواء، وهدأت من خوفها واشتعل غضبها =
[4]
استأذنت سارة من أمها لتذهب مع أخيها الأصغر لؤي ذو 15 عاما إلى الصيدلية القريبة لشراء بعض الحاجات فأذنت لها على أن لا تتأخر وأن تحتجب الحجاب الكامل =
اشترت سارة حاجاتها من الصيدلية وعندما أرادت الدفع أعاقها القفاز عن فتح محفظتها فاضطرت لأن تخلع قفازا واحدا لتفتحها فما كان من أخيها الصغير إلا أن ضربها على يدها بقوة أوقعت المحفظة وقال: "غطي يدك يا قحبة" وحمل المحفظة =
عادت سارة وأخوها إلى البيت، ومضت نحو غرفتها مباشرة وأغلقت الباب =
[5]
انتشر خبر الأخ الذي أطلق النار على أخته ليلى في جريمة شرف كالنار في الهشيم وأصبح الأمر على كل لسان وانتشرت الشائعات عن الأسباب، وتداولت المجالس القصة، وذات يوم على الغداء =
سمعت سارة الحوار كاملا دون أن تبدي =
حاولت منى أن تخفف عنها لكنها هي الأخرى تلاحظ ما لاحظته سارة وتعاني من نفس ما تعانيه لكنها =
[6]
في إحدى الليالي جاءت رسالة من رقم مجهول إلى جوال سارة، شخص ما يحاول التقرب إليها والتعرف عليها، لقد أصابها الهلع مما قرأت، شخص ما يصف جمالها وحسنها ويود لو أنه قابلها في مكان عام، وأرسل لها =
لا أحد ولا أي لغة ولا أي خيال يستطيع أن يصف الرعب الذي هبط على قلب سارة، لقد بدأت تنتفض من الخوف انتفاض الإنسان العاري في ليلة شاتية من ليالي الصحراء القارسة البرودة، وبسرعة حظرت المتصل وأغلقت هاتفها ووضعته داخل خزانة الثياب ودفنته تحت أكوام من الملابس،=
سرعان ما كشفوا صاحب الهاتف وهو زوج إحدى المعلمات في دار التحفيظ إذ تلصص على حاسوب زوجته وهاتفها وسرق مقاطع مسجلة لحفلات الدار واقتص منها صور سارة وتعرف على اسمها من شهادة شكر كانت تحملها بفرح في أحد المقاطع عليها اسمها. =
يتبع بعد قليل ...
إن الشعور المستمر بالتهديد جعل سارة لا تهنأ بعيش، ولا تكتمل لها فرحة، فماذا تفعل؟! هل تتزوج لتتخلص من هذا؟ لكن الزواج لم يحفظ لليلى حياتها، لقد تآمر زوجها مع أخيها وتركها فريسة غافلة، تظن أنها في حمى =
اتفقت سارة ومنى على الهروب من بلدهما واللجوء إلى مكان آمن، وبعد توفير ما يلزم من المال، قدمتا الاستقالة من الدار دون علم أهلهما، لكنهما ظلتا تخرجان كأنهما ما زالتا تعملان، وتعلمت سارة قيادة السيارة واستخرجت رخصة قيادة واستأجرتا سيارة ووضعتا فيها ما تحتاجانه =
انتهت
1
2
3