"ويحتاج من سلك هذا السبيل (أي السرقات الشعرية) إلى إلطاف الحيلة وتدقيق النظر في تناول المعاني واستعارتها وتلبيسها حتى تخفي على نقادها والبصرِ عملَها وينفرد بشهرتها كان على غيره مسبوق إليها فيستعمل المعاني المأخوذة من غير الجنس الذي تناولها منه"
(1) اعتاد الجاهليون على الاحتفال بالشاعر الصاعد وتنصيبه أميرا على عرش الكلام البليغ وإفراد المساحات الواسعة له داخل المجالس والمنتديات وأمام رؤساء القبائل والملوك
فما الذي دفع هؤلاء الجاهليين إلى الاعتناء والاحتفاء بالشعر إلى هذه الدرجة؟
(2)
نموذج الشاعر الجاهلي ينطبق وإن بدرجات متفاوتة على واقعنا الثقافي حيث الغلبة للإبداع والكتابات الجمالية والاهتمام بأصحابها ورعايتهم وعمل المسابقات والجوائز وتكريم المتفوقين من المبدعين، فالعقلية الجاهلية ونسقها استمرَّا إلى زماننا الحالي وإن بدا ذلك بصورة لا واعية.
(3)
ما معنى الاحتفاء بالجمال؟
ولماذا كل هذه الرعاية للإبداع؟
وأي دلالات تحملها؟
وأين نشاهد نتائجها؟
أسئلة مركزية ولا شك وهي تغوص بعيدا إلى عمق ثقافتنا الممتدة منذ الجاهلية ولا يمكن الفصل بين المراحل مهما اختلفت الدول وقامت أو سقطت فالإبداع سيرورة حضارية مستمرة ونامية.