Profile picture
, 35 tweets, 7 min read Read on Twitter
بورتسودان : مادام أن البنادق قد أطلقت، فلنوجه النيران في الاتجاه الصحيح

اشتبك شقان من المسحوقين ضد بعضهما البعض في بورتسودان، هذه خسارة لنا، خسارة للمسحوقين، خسارة للثورة.
الحال ان عوامل تاريخية متداخلة، وثارات قديمة، وتصورات مذمومة قد غذت هذا التنازع المميت ولم توقده في البداية. ولكن الحل في لحظتنا هذه، لحظة الثورة، ليس بالتدارس الأكاديمي عن هذه العوامل، فهذا لن ينتج سوى التسويف، ولا الاعتزال عنها واعتبارها «صراعات القبائل» من بواقي القرون البائدة
فهذا أيضا لن ينجم عنه سوى موقف أشد رجعية، موقف ضرب الطرفين المتصارعين وتعليمهم أصول «السياسة» و «الحضارة» و«الثقافة»، اي اقتيادهم بالقوة إلى المستقبل، بأداة الدعم السريع، موقفان زائفان ورجعيان.
المطلوب لفك الاشتباك النظري في هذه الحالة هو استدخال المعرفة الثورية في منطق التاريخ، أي تحليل الملموس، أعلى درجات النشاط النظري.
ان الثوريين ينطلقون في تحليل هذا النزاع من مبدئين متداخلين:

(1) ينقسم المسحوقون على خطوط القومية والإثنية والقبيلة وغيرها، هذه الانقسامات واقعية وفاعلة، وتاريخية. ولكن تغذية الانقسامات على هذه الخطوط، اي القبلية والعنصرية والجهوية،
هو احدى تكتيكات الطبقة السائدة، اي تكتيك الثورة المضادة في لحظتنا هذه. تغذية الانقسامات ليست مسألة عفوية. بل سياسية.
(2) تلعب قوى التوحيد الاقتصادي على تكديس كل المسحوقين بمختلف انتماءاتهم في خدمة مصالح مستغليهم، فتبدأ الجدران بينهم في الانهدام ويدركون وحدة مصالحهم، وبناء هذا الإدراك ليس أيضا مسألة عفوية، بل هو أحد تكتيكات الثورة.
والمعيار الذين يقايس به تقدم الثورة وترسخها هو مدى تحسس المسحوقين لهذه الاختلافات بينهم من جهة، ورغبتهم المحمومة في احترامها ومد الجسور بينهم من جانب آخر رغما عنها.
كلاهما في آن، إنها حركة تخالف ضمن سيرورة تآلف، والفكر المسطح التجريبي غير قادر على رؤيتها ككل متحرك. ونجاح أي من العمليتين مرتبط بميزان القوى بين الثورة والثورة المضادة. يميل لصالح من يعرف ويعمل.
🎯 فرق «القبيلة» و«القبلية»

إن القبلية، بنيويا، هي الشكل الخاص السيطرة السياسية للبرجوازية السودانية على جماهير الريف، أداتها «الإدارة الأهلية» ورجالاتها هم حلفاؤها المشاغبون.
وقدرة البرجوازية السودانية وحلفائها على تحويل القبيلة والاثنية إلى سلاح للتقسيم تقاس بقدرتهما على حشد المسحوقين ضد بعضهم عبر الأوامر المباشرة.
ومن هنا، يجب أن ننظر لكل حدث اشتباك ذو شكل قبلي او إثني انطلاقا من قدرة قيادات الإدارة الأهلية على التحكم بالناس، لنحكم علاقة الاشتباك بحركة الثورة وقواها وقوى الثورة المضادة.
هل تحرك المتقاتلون بعد أوامر القيادات الأهلية، العمد والمشايخ؟ لقد قبضت قدّام! على هذا التساؤل بقوة، وبحثت، فكل اجابة لها مغزى سياسي مختلف، ولكل مغزى سياسي تكتيكه الفريد واجب الاتباع.
لقد حاولنا أن نجمع ميدانيا كل شهادة ممكنة، وكان منا من هو في ساحة الحدث أو قربها، ونعتقد بكل وضوح أن الإجابة هي : لا، لقد تحركوا بإرادتهم الذاتية، والدليل؟ لقد عجز العمد والمشايخ بعد مؤتمرات الصلح الشكلية عن إعادتهم إلى بيوتهم ووقف القتال!. وهم معدومون من جانب واحد على كل حال.
إن الثوريين يقتحمون عالمهم الجديد ويعايشون ظروفه الجديدة ولم يتخلصوا بعد من أدران العالم القديم، مازال عالقا في أرواحهم لحن من نشيد قديم، لقد استنفذت ثورات الشعب الثلاثة (64م، 85م، وثورتنا الجارية) وسلسلة من الحروب الأهلية والنزاعات والهجرات،
وتغلغل الاقتصاد النقدي في المجالات الاكتفائية، الجزء الأعظم من سلطة الإدارة الأهلية وجرّف من قدراتها على التحكم بمصائر أفرادها، ولكن هذا لم يمر دون محاولة من النظام الإنقاذي لإعادة بناءها من أجل ترسيخ سلطته في الأرياف، فبقيت بعض الجيوب الضئيلة.
الإدارة الأهلية الآن هي شبح باهت لنظيرتها بعد أكتوبر 1964م والتي كانت قياداتها على حلف متين بالثورة المضادة وغذت قواها بالجموع البشرية. إن المضطهدين الذين قاتلوا بعضهم في بورتسودان فعلوا ذلك لأنهم كانوا ثوريين موضوعيا - خارج سيطرة الإدارة الأهلية السياسية،
ولكنهم خرجوا لثورتهم بوعي هذه «الإدارة الأهلية» نفسها، بوعي الثورة المضادة. فخسروا، اي خسرنا، أي خسرت الثورة، دماءا عزيزة، وفقدنا قلعة حصينة للثورة والسيادة الوطنية.
لماذا اندفع الثوريون يقتلون بعضهم إذا؟ لماذا لم يجدوا ما يوحدهم؟ الجواب يكمن في القيادة الحالية لثورتنا. إن الظروف التي فتحت الباب للثورة مازالت موجودة : الأزمة الرأسمالية، انهيار الأحزاب الإصلاحية، والحلم بالعالم الجديد، ولكن هنا يأتي دور التدخل الواعي للثوريين :
ماهي المطالب الحقيقية التي تعبر عن الشق الأعظم من المضطهدين؟ وما الأشكال التنظيمية المبتكرة اللازمة لرفع تشكيلهم القتالي وتوعيتهم بمهمتهم التاريخية؟ ان القيادة الحالية للثورة قاصرة عن إدراك هذه المهام، بل وأسلمت زمام أمرها لتحالف ضباط البشير،
وهو أقوى مركبات العنصرية في البلاد ويفرض سيطرته على المضطهدين بالدكتاتورية العسكرية الممتنة بالاستعلاء الفاشي المتأسلم، فتغذت بفكر الثورة المضادة حتى وهي تبحث عن التحرر. إن إعلان الحرية والتغيير قاصر عن التعبير عن مطالب المضطهدين في كل مكان، ليس النوبا والبني عامر فحسب،
بل والتعايشة والوطاويط والقمز والفونج ورفاعة الهوى، وفقراء الحضر، ونساء البلاد كافة، النازحين والمهاجرين والجنوبيين وشعبي اليمن وليبيا. لقد كان الإعلان شرنقة نمت داخلها فراشة القوى الثورية الباهية، ولكن الشرنقة ذبلت، وحان وقت نقضها، الإشتباك إشارة واضحة.
فلم يجد المضطهدون من وراء تسوية قحت مع ضباط البشير شيئا، وكانت بورتسودان باقتصادها المدمر بفعل الأزمة الرأسمالية الأكثر تأثرا من باقي البلاد، كانت عقدة العقد، التي انفجر فيها التناقض بين الثوريين بسبب عجز قياداتهم عن قطع «عقدة غورديوس» التي تربط بعض أقسامهم بالنظام القديم.
فبقيت الفراشة بين الموت والحياة.
إن الثورة والثورة المضادة يصدران من نفس المنبت، وعجز قحت عن قيادة الثورة، ولنقلها بوضوح : خيانتها للثورة، هو ما فتح الباب أمام مذابح بورتسودان، إن عقم القيادة هو السبب الأول تعفن الأوضاع السياسية، ومن ثنايا هذا التعفن يبيض ذباب المتآمرين ويفرخ.
إن المضطهدين يشرعون البنادق في خضم الثورة مدركين بصورة مشوشة لعوامل وحدتهم وشكل عدوهم، ولكن توجيهها في كل لحظة هو مهمة قيادتهم المعبرة عنهم، وإذا غاب هذا العامل القيادي اضطربت الامور وتبعثرت الأشياء في وعي المضطهدين، ومن هنا يدخل عامل المؤامرة :
هل كانت هناك قوى حمّشت نيران الصراع؟ من الوارد للغاية، بل هو مرجح لن نفاجأ إذا اكتشف مستقبلا، ولكن المؤامرة مثل السلعلع : لا ينبت الا على الجدران المتهاوية. والقضاء على تدخل المتآمرين يقتضي تكريب الخط الثوري والقبض على المتآمرين في آن.
إن بناء قوة مهيمنة للمضطهدين في السودان، استنادا على أكثر الأقسام كفاحية ووعيا،. في نواة منصهرة متكاثفة، هو مهمة مهام المرحلة الثانية من الثورة. والمتآمرون من أنصار الثورة المضادة لا ينفذون إلا من ثغرة ضعف تنظيم الثوريين لأنفسهم، لقد حاولت مليشيات كبار ضباط المجلس العسكري ...
المسماة بالدعم السريع تصوير نفسها باعتبارها عامل حياد وحاجزا بين المتقاتلين، لنسأل أنفسنا : هل يهتم القتلة ماركة البرهان بحماية الأرواح؟ وتأمين الثورة؟ وبتقوية صفوف الثوريين؟ إنهم يريدون تنفيذ مطالب أسيادهم الإماراتيين والسعوديين، ...
وتخريب وحدة قوى الثورة تمهيدا لتسليم ميناء بورتسودان، ومعه ما تبقى من سيادة وطنية إلى القوى الأجنبية.

إن النظام القديم يتضاحك سعيدا بما يجري، ويغتنم السانحة لتقوية موقفه وزيادة تشويش وعي المضطهدين.
هل من ستار أفضل لتسللهم للمدينة العصية على مليشيات الأمن في الأشهر السبعة الأخيرة والتي عجزوا عن كسر إرادتها وبيع مينائها؟ يشاركهم هذه المرة جمهرة ممن كانوا يحسبون من معسكر الثورة وهم بواقي النظام القديم، لقد غطى تهليل بعض الاعتزاليين والذين يراقبون الثورة باستعلاء فكري ...
واحتقار عميق للطبقات المسحوقة الإعلام، هم الذين يعتبرون -للمفارقة- حميدتي اليوم في طهارة الأم تيريزا. فكسب ضباط البشير حليفا غير منتظر، ولا مانع، فباب الثورة المضادة مشرع.
والعمل طيب ؟

يجب التقصي وبدقة عن المتآمرين واتخاذ أكثر الإجراءات الثورية حسما ضدهم، وإعادة بناء برنامج ثوري حول مطالب الشق الأعظم من الثوريين في كل مكان، وتحويل المعركة-بين الثوريين-إلى معركة كل الثوريين ضد قوى الثورة المضادة، ضد حميدتي، ...
وضد القبلية وإعادة بناء الإدارة الأهلية على قواعدها الدكتاتورية السابقة، وضد بيع السيادة الوطنية، وضد التقشف والخصخصة والحرب. إن قيادة جديدة لمرحلة جديدة تخرج من ركام الرماد الإنقاذي، يجب أن تبزغ بقوة الفكر والإرادة، وبدفع التسامح بين المحاربين بالخطأ إلى قوة جديدة لتوحيدهم،
كل هذا، والآن، وإلا فسيحين ربيع الثورة المضادة قريبا. إلى البني عامر والنوبة وجميع الثوريين : لن نرجع البنادق، بل نصوبها في الإتجاه السليم.

#الميناء_سيادة
#تسقط_القبلية
#يسقط_تحالف_القتلة_والانتهازيين
Missing some Tweet in this thread?
You can try to force a refresh.

Like this thread? Get email updates or save it to PDF!

Subscribe to قدّام!
Profile picture

Get real-time email alerts when new unrolls are available from this author!

This content may be removed anytime!

Twitter may remove this content at anytime, convert it as a PDF, save and print for later use!

Try unrolling a thread yourself!

how to unroll video

1) Follow Thread Reader App on Twitter so you can easily mention us!

2) Go to a Twitter thread (series of Tweets by the same owner) and mention us with a keyword "unroll" @threadreaderapp unroll

You can practice here first or read more on our help page!

Follow Us on Twitter!

Did Thread Reader help you today?

Support us! We are indie developers!


This site is made by just three indie developers on a laptop doing marketing, support and development! Read more about the story.

Become a Premium Member ($3.00/month or $30.00/year) and get exclusive features!

Become Premium

Too expensive? Make a small donation by buying us coffee ($5) or help with server cost ($10)

Donate via Paypal Become our Patreon

Thank you for your support!