Thread by @anasalhajji

هذه سلسلة تغريدات عن تكاليف إنتاج الصخري ومستقبله.

1- أغلب ما ينشر ويذكر في الإعلام العربي ووسائل الاتصال الاجتماعي عن #النفط الصخري عبارة عن عموميات، وكثيرا من الأحيان أفكار ومعلومات خاطئة. وأقولها من البداية: هناك شركات تستطيع تحقيق عوائد بين 15% و 30% بسعر 40 دولار للبرميل.

2- والقول بأن شركات #النفط الصخري لم تحقق أرباحاً يدل على جهل كبير بالصناعة. كما أن هناك منافع ضخمة اضافية منها توظيف عدد ضخم من الناس مباشرة أو غير مباشرة، وتمويل موازنات الولايات النفطية والحكومات المحلية، عدا الأعمال الخيرية والخدمات المجتمعية التي تقدمها هذه الشركات.

3- كما أن هناك جهل كامل في كيفية عمل الصناديق الخاصة والاستثمارات التي مولت مشاريع النفط الصخري، وكيف حققت هذه الصناديق أرباحا هائلة. البنوك والشركات الكبيرة دخلت على الخط فيما بعد. وتبعها دخول استثمارات لا يعرف أصحابها أي شيئ عن صناعة النفط عموما والنفط الصخري خصوصا، فخسروا.

4- ماهي تكلفة إنتاج النفط الصخري؟ أكبر خطأ يرتكبه البعض هو ذكر متوسط للتكاليف، أو نطاق بين حد أدنى و أعلى، والاثنان لامعنى لهما
الإجابة ليست بهذه السهولة والواقع معقّد جداً، وليس هناك إجابة واحدة. فمتوسط تكاليف عشرات الآلاف من الآبار، وآلاف الشركات، وحقول عدة، لا معنى له إطلاقاً

5- كما أن الأرقام التي تذكر لا تُعرف ما هي: هل هي متوسط التكاليف التشغيلية؟ أم متوسط التكاليف الكلية؟ وهل تتضمن التكاليف عائد رأس المال أم لا؟ هل تتضمن تكاليف الأرض؟ هل تتضمن الفوائد على رأس المال؟ هل تتضمن الضرائب؟ هل هي تكاليف ماتم الاستثمار فيه، أم تكاليف الاستثمار الجديدة؟

6- الحقيقة أن التكلفة تختلف من بئر إلى بئر، ومن طبقة جيولوجية إلى أخرى في مناطق الإنتاج متعددة الطبقات، ومن حقل إلى حقل، ومن شركة إلى أخرى. كما أن نسبة الغاز والغازات السائلة في الإنتاج تلعب دوراً كبيراً في هذا الموضوع. كما أن نفس الأرض قد يختلف تكلفة استئجارها عبر الزمن!

7- إذا كنت تعتقد أن الأمور أصبحت معقدة بما فيه الكفاية، انتظر حتى تعرف الحقيقة التالية: عند انخفاض الطلب على النفط وانهيار الأسعار، فإنه لا معنى ولادور للتكاليف الكلية! التركيز ينصّب على التكاليف التشغيلية والتي تبلغ نصف التكاليف الكلية تقريباً.

8- فلو كانت التكاليف الكلية لبرميل النفط الصخري 45 دولار مثلا، فإن انخفاض أسعار النفط إلى 25 دولار مثلا لن يؤدي إلى افلاس الشركة لأنه تكاليفها التشغيلية يحدود 21 دولار مثلا. الشركة تخفض خسائرها إذا استمرت بالإنتاج في هذه الحالة.

9- لنتذكر أن مهمة إدارة الشركة تعظيم الأرباح عندما تكون أسعار النفط أعلى من التكاليف الكلية، ومهتخا تخفيض الخسائر عندما تنحفض الأسعار إلى مادون التكاليف الكلية.

10- إذا انخفضت أسعار النفط إلى ما دون التكاليف التشغيلية، فإن فكرة تخفيض الخسائر إلى أدنى حدّ ممكن تتطلب إغلاق المنشأة أو البئر لأن الاستمرار بالإنتاج يعني خسائر أكبر. ولكن الأمور أعقد من ذلك بكثير كما سنرى في التغريدات التالية.

11- لهذا، فإن القول إن تكاليف الإنتاج الكلية 50 دولاراً للبرميل مثلاً، لا يعني إلا شيئاً واحداً، وهو أن هذه الشركات تحقّق خسائر حالياً، ولكن لا يعني بالضرورة إفلاسها أو وقف إنتاجها. ويمكن أن تستمر الشركة بالإنتاج لسنوات عدة وهي تحقق خسائر، طالما أن وقف الإنتاج سيحقق خسائر أكبر.

12- لكن الأمور أعقد من ذلك. إغلاق البئر أو تخفيض إنتاجها قسرياً مكلّف، وإعادة فتحها مكلّف، وقد يخسر جزء من الإنتاج نتيجة تغيّر الضغط أو هجرة النفط أو أي عوامل فنية أخرى. هذه التكاليف والخسائر يجب أن تحسب أيضاً. لهذا فإنه يمكن لمنتج الصخري أن ينتج بأسعار أقل من التكاليف المتغيرة.

13- مثلاً، إذا كانت التكاليف التشغيلية 22 دولاراً للبرميل، فإن انخفاض الأسعار إلى 21 دولاراً يستوجب إغلاق البئر. ولكن إذا كانت تكاليف إغلاق البئر وإعادة فتحها وتكاليف خسارة النفط الذي لا يمكن استخراجه 3 دولارات للبرميل مثلاً، فإن البئر يجب أن تستمر في الإنتاج حتى سعر 19 دولاراً.

14- إلا أنه يمكن للمنتج أن يستمر بالإنتاج حتى لو انخفضت الأسعار تحت 19 دولاراً للبرميل لأسباب قانونية بحتة. فأغلب العقود في الولايات المتحدة بين منتجي النفط وأصحاب الأراضي تتضمن فقرتين ملزمتين لمنتج النفط: الاستمرار بالإنتاج وحفر بئر أو آبار عدة ضمن فترة معينة في الأقل.

15- فإذا توقف المنتج عن الإنتاج اختيارياً، أو لم يحفر الآبار في الوقت المعين والعدد المطلوب، فيمكن لصاحب الأرض أن يطرده، وبالتالي يخسر المنتج كل شيء، بما في ذلك المبالغ الأوليّة التي دفعها لصاحب الأرض كي يوقّع على العقد. لهذا فإن بعض المنتجين مضطر إلى الإنتاج تحت أي ظرف وأي أسعار

16- ماذا يعني ما سبق؟ أن الحديث في موضوع التكاليف موضوع معقد ولايفهمه إلى من انخرط في عمليات التمويل والأمور القانونية للنفط الصخري. إن الجهل في موضوع الصخري ونشر هذا الجهل في الاعلام العربي كان له نتائج سيئة جدا منها تجهل الصخري بين عامي 2009 و 2014 حتى ضرب الفاس بالراس!

17- وهذه نتيجة قد تذهل البعض: انهيار الأسعار الحالي وانخفاض إنتاج الصخري بسكل كبير له نتيجة أساسية وهي "انخفاض التكاليف"! وهذا ما يساعد الصخري لاحقاً مع ارتفاع الأسعار وعودة الإنتاج. ولكن هذا لايعني العودة إلى معدلات نمو الانتاج المرتفعة التي شاهدناها منذ 2017.

18- ما بالنسبة إلى السعر، ما هو سعر النفط الذي يجب أن يحصل عليه المنتجون حتى ينمو إنتاج الصخري مجدداً؟ هذا أيضا سؤال إجابته صعبة لأسباب عدة، أهمها أسعار الغاز والسوائل الغازية ونسبتهما في إنتاج البئر، ووجود أنابيب، وتكاليف النقل في الأنابيب، وإلى أي سوق تأخذ الأنابيب هذا النفط.

19- حقيقة هامة: أن بعض منتجي النفط الأميركي يُسعّر نفطه حسب خام برنت، وليس حسب خام غرب تكساس، وبالتالي يحصلون على سعر أعلى من غيرهم. وبحساب مختلف التغيرات، وبافتراض تضاعف أسعار الغاز والسوائل الغازية، فإن النمو سيعود إلى الصخري مع تجاوز أسعار خام غرب تكساس 43 دولاراً للبرميل.

20- كثير من الشركات تحوَّطت عندما كانت الأسعار فوق 45 دولاراً للبرميل. هذه الشركات تحصل على أسعار فوق 45 دولاراً للبرميل، حتى عندما انهارت الأسعار تحت 10 دولارات للبرميل! لهذا لم يتوقف جزء كبير من الإنتاج الأميركي، ويبين أن ما حدث ليس نهاية الصخري، وليس نهاية نموه!

21- وقيام البعض بالمقارنة بين تكاليف الإنتاج في الخليج أو غزارة الآبار بالصخري لامعنى له، خاصة عندما يكون الطلب العالمي غلى النفط في تزايد مستمر. وأي طالب يأخذ أول مسار في الاقتصاد يدرس نظرية ريكاردو في الريع، وبالتالي فإن موضوع اختلاف التكاليف والانتاجية موضوع قديم ومعروف.

الأخوة والأخوات: هل كنتم تتمنون لو أن ماسبق كان في مقال واحد، بدلا من هذا العدد الكبير من التغريدات؟

الحقيقة المقال موجود، ولكن لسبب ما، تلقى التغرديات أهمية أكبر من المقالات. هذا هو المقال:
independentarabia.com/node/117211/%D…%

خلاصة القول: تجاهل كل مايقال عن "متوسط" تكاليف الصخري، و "نطاق تكاليف الصخري" او "الحدين الأدنى والأعلى" للتكاليف و متوسط "الأسعار" التي يتطلبها الصخري، حتى لو جاءت مني شفهيا أو كتابيا.