Thread by @exxused

#عقلانيون

الذاكرة المزيفة

يعتقد الأعم الأغلب من الناس أن ذاكرة الإنسان جهاز تسجيل، ينقل الأحداث السابقة كما وقعت، كالكاميرا وأجهزة تسجيل الصوت، إلا أن ذلك ثبت بطلانه في السنوات الخمسين الأخيرة، فثبت في عدد من الدراسات أنه من الممكن تشويه الذاكرة الحقيقية، =

بل من الممكن زرع ذكرى لم تحدث قط وحسب عالمة النفس المتخصصة بدراسة الذاكرة اليزابيث لوفتاس: "ذاكرتنا بناءة وترميمية كأنها صفحة ويكيبيديا يمكنك الدخول اليها وتغييرها، والآخرون كذلك يستطيعون".=

أشهر رواية في هذا الموضوع قصة ستيف تايتس الذي اتهمته ضحية اغتصاب بارتكاب الجريمة وقالت في المحكمة: "أنا متأكدة تمامًا أنه الفاعل"
مع أن تايتس لم يقابلها أبدا وهذا ما تبين بعد سنة حين كلف تايتس صحفي تحريات فتمكن من الوصول إلى المجرم الحقيقي الذي اعترف بجريمته وثبتت براءة تايتس. =

في مشروع ما في الولايات المتحدة، جرى تجميع المعلومات عن 300 متهم أدينوا بجرائم لم يقترفوها، وقد قضوا ما بين 10-30 عاما في السجن،

وبعد فحص DNA ثبت أنهم أبرياء وبعد تحليل هذه القضايا تبين أن 75% منهم أدينوا بسبب ذكرى مزيفة لشاهد عيان.=

اليزابيث لوفتاس أجرت تجربة أخرى مع زميلها جون بالمر في جامعة واشنطن، وذلك بعرض أفلام حوادث سيارات على 45 متطوعا ثم يُطلب منهم أن يصفوا الحادث كأنهم شهود عيان، وقد قسموا المتطوعين إلى مجموعتين، طرح لكل مجموعة سؤال يختلف في كلمة واحدة:=

سؤال الأولى: كم تقدر سرعة السيارتين عندما اصطدمتا ببعض؟ hit
سؤال الثانية: كم تقدر سرعة السيارتين عندما حطمتا بعضهما؟ smashed

الأولى توقعت 34 ميلا والثانية توقعت 41 ميلا، وهذا يشير إلى تفاعل الذاكرة مع اللغة =

بل إن الطريف عندما أجروا التجربة مرة أخرى على متطوعين آخرين سألوا المجموعة الثانية هل يتذكرون الزجاج المهشم في الحادث، فأجابوا بأنهم يتذكرونه على الرغم من أنه لم يكن يوجد أي زجاج مهشم في الأفلام التي عرضت عليهم=

أجرت لوفتاس تجربة أخرى في مقطع فيديو تظهر فيه سيارة قادمة من شارع فرعي إلى شارع رئيسي مع لوحة (قف)، وبعد مدة سألت المتطوعين هل تذكرون لوحة الأفضلية في الشارع الذي توقفت فيه السيارة؟ العديد من المتطوعين أجابوا نعم إنهم يتذكرون لوحة الأفضلية مع أن المقطع لم يكن فيه سوى لوحة (قف).=

في تجربة أخرى على تدريب الجنود الأمريكيين على التصرف في حال الوقوع في الأسر، يتعرض فيها الجندي لمستويات عالية من الضغط النفسي والإساءة الجسدية والعدائية، بيد محققين يلبسون أزياء مماثلة لملابس الأعداء بغرض تجهيزه لحالات مماثلة في الواقع، =

وفي وقت لاحق في محاولة لتحديد الشخص الذي استجوبهم ومع تمرير معلومات توحي بشخص آخر، يخطئ الكثير منهم بالتعرف على المحقق، وتحديد شخص مختلف، بل يتذكر بعضهم وجود مسدس في غرفة الاستجواب، في حين أن الغرفة تخلو من المسدسات.=

أيضا في دراسات أخرى جرى زرع ذكريات مزيفة من عمر الطفولة لدى المتطوعين كتجربة الضياع في السوق أو تجربة النجاة من الغرق أو النجاة من حيوان متوحش أو بتلبس شيطاني، 25% من المتطوعين تذكروا وقوع هذه الذكريات المزيفة وأنها قد حدثت لهم بالفعل.=

الذاكرة ليست وسيطة تسجيل بل هي قابلة للتفاعل مع المحيط والمعلومات الواردة لدرجة أنه قد يصدق الشخص أنه ارتكب خطأ، ففي إحدى الدراسات تم اتهام المتطوعين بأنهم أفسدوا أجهزة الحاسب حين كانوا يعملون عليها

مع وجود شاهد زور يشهد أنه رآهم يفعلون ذلك، وبالفعل اعترف بعضهم أنه ارتكب ذلك.=

الأمر لا يسلم منه أحد حتى أصحاب الذاكرة القوية الذين باستطاعتهم تذكر تفاصيل كل شيء، لا يسلمون من زراعة الذكريات المزيفة بنفس القدر لدى الأشخاص العاديين، بل ربما يكونون أكثر عرضة لذلك بسبب قدرتهم الهائلة على تخزين المعلومات.=

لذا لا يغرك قولهم عن رجل أنه ثقة ثبت ضابط فهو معرض أكثر من غيره لبناء ذكريات مزيفة لا يعلم هو نفسه أنها ذكريات غير حقيقة.

انتهى
المصادر في التغريدة التالية

ted.com/talks/elizabet…

special.seattletimes.com/o/news/local/t…

sciencedirect.com/science/articl…

simplypsychology.org/loftus-palmer.…

jstor.org/stable/1449503…

theconversation.com/people-who-don…

pnas.org/content/110/52…

تنسيق @threadreaderapp