طائر الدودو Dodo
يقول العلماء إن نظرية التطور هي الأدق في استنتاج سبب تنوع الكائنات الحية نظرا لما تقدمه من تفسير أو تنبؤ يشرح طبيعة الكتلة الحيوية في كوكب الأرض وسلوك أفرادها، وهذا ما سيتبين خلال عرض المأساة التي تعرض لها طائر الدودو الذي تسبب به سلوكه التطوري
طائر الدودو هو أحد أنواع فصيلة الحماميات يبلغ ارتفاعه حوالي متر واحد وبوزن بين 10 - 20 كغ، يغطيه الريش المتدرج من الأبيض إلى الرمادي الغامق والأسود، ومنقار كبير منتفخ ورأس نصف عار وساقان قصيرتان وله أجنحة صغيرة وعيون صغيرة
كان يعيش في جزيرة موريشيوس شرقي مدغشقر في بيئة خالية من المفترسين لذا لم يكن يعرف شعور الخوف والرعب فازدهرت حياته وكان يعشش على الأرض وتبيض الأنثى بيضة واحدة ويعيش 17 عاما
كان سلوكه في بيئة مختلفة غير صالح للبقاء فلا هو يخاف ولا هو يطير ولا يتكاثر بأعداد هائلة
عندما بدأت الرحلات الاستكشافية في القرون الوسطى رست السفن على شواطئ جزيرته ومن أوصاف البحارة المسجلة أنقل لكم ما قالوه عن هذا الطائر الذي لقبوه بالطائر الغبي لأنه لم يكن يخاف منهم ولا يهرب بل يأتي إليهم ويقتحم أماكنهم فيصطادونه بسهولة
نتيجة للحياة المنعزلة لملايين السنين تكونت الظروف المثالية للعيش بسلام فعندما التقى لأول مرة بالبحارة لم يظهر منه أي خوف ولأنه لا يطير صار فريسة سهلة للبشر وللحيوانات التي جلبها البحارة. توضح بعض التقارير أن الدودو كان الغذاء لسكان المنطقة ولتموين السفن عند العودة إلى أوطانها
هذا يشرح لماذا تشاهد الكائنات تهرب مذعورة كردة فعل أولية، فهذه الميزة ساعدتها على البقاء والتكاثر، أما الكائنات التي لا تخاف فقد قضى عليها الافتراس حتى انقرضت، لأنها فقدت الميزة التي ساعدت الأنواع الأخرى على البقاء وهي الخوف والهروب.
وهذا مثال على قدرة النظرية على التفسير
أصبح الدودو رمز السياحة في موريشيوس
على الرغم من انقراضه خلال 100 عام من اكتشافه لكن صور الدودو في جميع أنحاء الجزيرة، وهو شعار جمهورية جزر موريشيوس.
كما أصبح أيقونة الانقراض في عالم الحيوان عبر القرون الماضية.
يتفاخر أهل الأديان بأن لديهم تنبؤات دقيقة تثبت صحة معتقداتهم وأنه لا يستطيع أحد معرفة الغيب سوى الإله الحق لذا تكون دليلا على أن دينهم هو الذي يدل على المعبود الحقيقي وبالتالي النجاة من عقوبات ما بعد الموت
سأحاول معالجة هذه القضية ونقدها=
كان التنبؤ بالمستقبل هوسا لدى الإنسان منذ العصور القديمة وتشير المعلومات إلى وجوده عند البابليين بين 2000 - 3000 ق.م
إذ كان إحدى طرق الكهنة لمعرفة نوايا الآلهة ويعد التنجيم البابلي أول نظام تنجيم متكامل مرصود ويعد البذرة الأولى للكهانة والدافع لظهور التقويم التاريخي =
وتسللت الكهانة إلى العرب فكانوا يذهبون إلى الكهان ليعرفوا ماذا يخبئ لهم المستقبل وكان بعضهم حذرا فيختبر الكاهن ليعرف صدق تنبؤاته كالقصة المشهورة لهند بنت عتبة مع زوجها الأول الفاكه بن المغيرة
ثم جاء الإسلام فقدم تفسيرا خرافيا لصدق الكهنة واحتكر الإخبار عن المستقبل أو الغيب =
هل طرح عليك متدين سؤالا يردده سمعه ولم يفقهه عن مرجعية اللاديني الأخلاقية؟
جوابي هو (الإجماع الإنساني)
ولكن لماذا أعتقد بمرجعية الإجماع الإنساني؟
وهل هي مرجعية موثوقة؟
وهل لدى المتدين ما ينقضها به؟
وهل تواجه معضلات أخلاقية؟
وهل تستطيع حل معضلات الأخلاق الدينية؟ =
لا بد أن تواجه ببغاء يسألك عن مرجعيتك الأخلاقية إذا كنت لادينيا، ويزعم أنه لا وجود للأخلاق من دون وجود الله، وقد سبق لي أن قدمت نقدا على نظرية الأمر الإلهي الأخلاقية ، لترى أن أي فلسفة أخلاقية تواجه معضلات تعجز عن حلها.=
لكن بالإمكان النظر إلى الإجماع الإنساني على الأقل، مرجعية يعتد بها، فما اتفق عليه البشر على اختلاف أزمانهم وأوطانهم وأديانهم وثقافاتهم وعاداتهم وتقاليدهم، يدل على سلوك صحيح لم يتعرض للنقض، وعلى المشكك تقديم برهان التكذيب.=
يعتقد الأعم الأغلب من الناس أن ذاكرة الإنسان جهاز تسجيل، ينقل الأحداث السابقة كما وقعت، كالكاميرا وأجهزة تسجيل الصوت، إلا أن ذلك ثبت بطلانه في السنوات الخمسين الأخيرة، فثبت في عدد من الدراسات أنه من الممكن تشويه الذاكرة الحقيقية، =
بل من الممكن زرع ذكرى لم تحدث قط وحسب عالمة النفس المتخصصة بدراسة الذاكرة اليزابيث لوفتاس: "ذاكرتنا بناءة وترميمية كأنها صفحة ويكيبيديا يمكنك الدخول اليها وتغييرها، والآخرون كذلك يستطيعون".=
أشهر رواية في هذا الموضوع قصة ستيف تايتس الذي اتهمته ضحية اغتصاب بارتكاب الجريمة وقالت في المحكمة: "أنا متأكدة تمامًا أنه الفاعل"
مع أن تايتس لم يقابلها أبدا وهذا ما تبين بعد سنة حين كلف تايتس صحفي تحريات فتمكن من الوصول إلى المجرم الحقيقي الذي اعترف بجريمته وثبتت براءة تايتس. =
في فلسفة المعرفة تفرض نظرية مطابقة القول للواقع أن القول لا يكون (صائبا) إلا إذا طابق الواقع، ولا تأثير لاعتقاد القائل أنه صادق، وهنا فرق بين الصواب والصدق، فالصدق متعلق باعتقاد القائل، لا بمطابقته لواقع، ولتوضيح الفرق =
الفرق تخيل توأمين زيد وعبيد وهما متشابهان تماما ما عدا أن عبيدا لديه ندب في صدغه الأيسر.
وتخيل شخصين آخرين سعد وفهد
سعد يعرف زيدا فقط،
وفهد يعرف الاثنين ويعرف كيف يفرق بينهما عن طريق الندب،
الآن تخيل أن سعدا وفهد يمشيان في طريق وصادفا زيدا=
فإذا أخبرا الخبر فسيكون الجواب:
سعد: صادفت زيدا ( صادق في اعتقاده ومخطئ في مطابقة الواقع)
فهد: صادفت عبيدا (صادق في اعتقاده ومصيب في مطابقته للواقع)
الخبر الذي نقله فهد هو ما تنص عليه نظرية المطابقة أنه صواب أو (حقيقة) لأنه مطابق للواقع.=
ينطلق الدليل من الحجة الغائية ولكن بطريقة الاستقراء المتبع في منهج الفيلسوف الشيعي محمد باقر الصدر الذي أسس له في كتابه (الأسس المنطقية للاستقراء) واتبع فيه نظرية الاحتمالات
الكتاب متوفر PDF = echo-najaf.blogspot.com/2020/10/blog-p…
بناء حجة الدليل ليسهل نقدها:
1 يوجد توافق هائل بين عدد كبير من الظواهر وحاجة الإنسان للحياة
2 احتمال أن توجد كل هذه الظواهر المعدة لتناسب حياة الإنسان صدفة ضئيل جدا
3 احتمال أن يكون وراءها فاعل مختار هيأ الظروف لتناسب حياة الإنسان كبير جدا 4- إذن يوجد فاعل حكيم هو الله =
سيبدأ نقد الحجة أولا بطلب البرهنة على أن الكون أعد خصيصا ليستضيف الحياة وهو ما لم يقدمه أحد
ثم نطلب البرهنة على أن الظواهر الكونية لو اختلفت لن ينتج عنها حياة بالمطلق وهو ما لا يستطيعه أحد
بهذين النقدين لا يصبح الدليل سوى فرض غير مبرهن =